هل تسمع ياغير يا بيدرسون؟!…أم إن الصمغ الأوروبي في أذني المبعوث الأممي إلى سورية أدخله في عزلة المهمة عن تطورات الأزمة في سورية.. فلا ضربات إسرائيل على حماة أيقظت الإدانة في تصريحاته، ولا هي تلميحاته عن الدستور السوري باتت تعني القاصي والداني.
من واجب دمشق التعاون مع المؤسسة الأممية، ولكن على الأخيرة أن تخرج من غرفة الإنعاش، حتى تبدأ النقاش بمصائر الشعوب والأمم.
بيدرسون الذي قال إنه وضع كل المسائل على الطاولة بشأن سورية نخشى أنه لا يملك تلك الطاولة أساساً… بل هو فاصل منشط يذكر بالعملية السياسية كي تبقى الأحجية الدستورية حجة العودة إلى تفاصيل الشيطان الأميركي في عرقلة تطورات الميدان لمصلحة الجيش العربي السوري.
والدليل أن بيدرسون ومهمته في تسيير الملف السوري حتى الآن خارج كل المعادلات الميدانية والتصريحات السياسية لترامب والغرب، بل إن رؤيته شبه معدومة في المواجهات المعلنة والمكتومة الصوت بين الدول والقوى الإقليمية والعالمية المتشابكة والمشتبكة حول الأزمة في سورية، فلا هو حاضر في موقف من عدوان لإسرائيل متزامن مع حضوره إلى دمشق… أو مفسر لوجود الاحتلالين الأميركي والتركي في سورية…
قد يتخيل بيدرسون بتفاؤل العجائز، كيف تكون الجزيرة السورية في هذا الربيع، ولكن بمعزل عن سيلانات المواجهات بين أكراد ترامب وعثمانية أردوغان؟ فالرجل أممي من طراز فناجين الشاي وشطائر الزبدة ولا يعنيه موت طفلة في مخيم الركبان برداً أو قتلاً على حدود انكشارية السلطان في أنقرة.
فهل جاء هذا المسحراتي بطبله الدبلوماسي ليوقظ (أموات المعارضة) بعد أن تلاشوا في الرمال السياسية المتحركة لمواقف الدول الداعمة لهم وأولوياتها…وأين سيجدهم؟
هل هم في إسطنبول يبيعون (الفول الانتخابي) لموائد أردوغان المحتار بين (اس 400) روسية وبين غضب الناتو وما سيلقاه من ضربة أميركية من تحت الحزام الكردي، إن هو أساء للبضاعة العسكرية الأميركية وروج لاقتناء منافستها الروسية.
أم هم أي (المعارضون) في الرياض في الغرفة المنسية لقبو الملك يتذكرون لحى (جيش الإسلام) المحلوقة في الغوطة وجوبر، ويقفون على هوامش المرحلة، فالأزمة المشتعلة في السودان وليبيا وسباق النوق العسكري ما بين الإخوان في قطر والوهابية السعودية، يبعدهم عن الساحة الدراماتيكية للمعارك الجارية… فماذا ينفعهم بيدرسون وقد سقطوا في حفر الشمع الأحمر بالنسبة للشعب السوري؟.
الحرب على سورية والمنطقة باتت أكبر من أن يمتص قيحها مبعوث أممي.. هي بحاجة إلى حسم دولي، فسيف الاقتصاد يشهر على شعوب المنطقة بعد سيف داعش.
(الربيع العربي) مستمر في إسقاط المنطقة، فهو إن دخل إلى السودان بأغصان الزيتون والإصلاح هناك من يتربص لإشعال زيته بنار الفتنة.. نخاف على الجزائر، فلا داعي بعد لأن ننظر بالمجهر (فاز نتنياهو) من يمينه المتطرف باعترافين له من ترامب بالقدس وفي الجولان.
الوضع الآن هو الأخطر، فالعين الأميركية لا تزال على سورية تعوق إعادة الإعمار بمزيد من الحصار… ولعبة التاجر في أميركا إسرائيلية المنشأ، فالجولان وصفقة القرن هما من ترجحان صندوق ترامب الانتخابي القادم، فلن يرضى عنه اللوبي الصهيوني من دون أن تسقط المنطقة كلها في قبضة نتنياهو، وهذا مرهون بمحور المقاومة الممتد من سورية إلى العراق وفلسطين وإيران، فالرهان على هذا الحصان بإخراج المنطقة من وسط النيران، أما باقي الأحصنة فلجامها معقود على حائط المبكى، فأين يعقل بيدرسون وزملاؤه في اليمن وليبيا وغيرهما أحصنتهم الدبلوماسية؟!
كتبت عزة شتيوي
التاريخ: الاثنين 15-4-2019
الرقم: 16957