اقتصاد الإنعاش.. زمن الحصار

 

الحصار ليس جديداً على السوريين، فقد تعايشوا معه سنوات طويلة من الثمانينيات حتى اليوم، ورغم مرور فترات سماح وجيزة عاشت فيها سورية «فورة الوفرة الاقتصادية» أي فترة التسعينيات من القرن الماضي والعقد الأول من الألفية الثانية، الا انها لم تتخلص يوماً من شكل من أشكال الحصار الأميركي.
لذلك ترى أن معظم الذين يتذمرون من تبعات الحصار اليوم هم من مواليد عصر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وزمن الوفرة، أما أبناء جيل الثمانينيات الذين وقفوا على طوابير مؤسسات التدخل الإيجابي آنذاك للحصول على كيلو طحين وكيلو سكر وقليل من الزيت وعلبة سمن وحتى علبة المحارم وغيرها من الاحتياجات الأساسية، فيقفون اليوم مستذكرين صابرين مطمئنين أنها «شدة وتزول» بتكاتف السوريين واعتماد سياسة البدائل التي طبقت حينها وتطبق اليوم.
اليوم يعيش الاقتصاد السوري مرحلة إنعاش بعد تعرض معظم حوامله للتخريب الممنهج، فقطاع الزراعة خرجت مساحات كبيرة منه، وحوامل الطاقة دمر الكثير منها، والمعامل سرقت ونهبت على مدى ثماني سنوات من قبل الإرهابيين ورعاتهم، لكن مرحلة الإنعاش التي تحتاج إلى رعاية كبيرة وظروف ملائمة، يعيشها الاقتصاد السوري تحت الحصار والنار، فلا يسمح باستيراد لوازم الإنعاش المطلوبة مع تشديد محاولات الخنق الاقتصادي من قبل أعداء الوطن.
التوجه الحكومي لإحلال البدائل الصناعية والانتاجية مكان المستورد مع دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر على مستوى الأسر في الأرياف والمناطق الحضرية على حد سواء هو الطريق الصحيح لتحقيق الاكتفاء والاستغناء عن المستوردات بمعظمها، وهو الطريق لنأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع.. وليصبح الحصار شكلياً لايؤرق حياة السوريين.
ولا تكتمل دائرة الإنعاش الاقتصادي من دون العودة الى زراعة كل الأراضي القابلة للزراعة، وتوفير مستلزماتها، ولا تكتمل من دون استغلال كل موارد الطاقة المتاحة واستعادة مصادرها الخارجة عن سيطرة الدولة تحت الهيمنة الأميركية في جزيرتنا الخضراء، ولا تكتمل من دون ضخ التمويل المناسب في المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية.
لا شك أن وفرة المواد في الأسواق السورية اليوم وخصوصاً ذات المنشأ المحلي هي نقطة قوة للاقتصاد السوري، ولكن المحافظة على هذه الوفرة تتطلب ليس فقط تأمين مستلزمات مواصلة الإنتاج، بل تعزيزها قدر المستطاع حتى تكون الوفرة مقترنة بالسعر المقبول بالنسبة للمواطن السوري الذي صمد وصبر وقدم التضحيات دفاعاً عن وطنه.
إن دعم قطاعات الإنتاج الحقيقية وتقليل كلف الإنتاج، كفيل بتخفيف أثر العقوبات على المواطن السوري ويشكل دعماً مباشراً لصموده في فترة الإنعاش وصولا إلى عودة دفق الحياة بكسر الحصار.

عبد الرحيم أحمد
التاريخ: الأربعاء 1-5-2019
رقم العدد : 16968

آخر الأخبار
من شمالها إلى جنوبها.. "فداء لحماة" بارقة أمل لريف أنهكته سنوات الحرب والدمار حملة "فداء لحماة"... أكبر مبادرة إنسانية وتنموية منذ سنوات حلب بين الذاكرة والتبرعات.. جدل حول تسمية الشوارع حزمة مشاريع خدمية في عدد من المدن والبلدات بريف دمشق تنظيم ١٥ ضبطاً بعدد من المنشآت السياحية في اللاذقية بدء ري الأراضي للموسم الشتوي من مشروع القطاع الخامس بدير الزور تجهيز 22 حاضنة أطفال في مستشفى الهويدي بدير الزور مشاركون في "سيريا هايتك": فرص استثمارية واعدة بالسوق السورية الرقمية  الزراعة العضوية.. نظام زراعي إنتاجي آمن بيئياً   أجهزة قياس جودة الزيت تدخل أسواق ريف دمشق أربع آبار لمياه الشرب تلبية لاحتياجات سكان بصرى الشام ومعربة  بعد 15عاماً.. سوق الإنتاج بحلب أعاد افتتاح أبوابه بأكبر مهرجان للتسوق  "المركزي" يكشف عن إجراءات جديدة لإدارة السيولة ودعم القطاع المصرفي ضبط أربع سيارات محملة بمواد متفجرة وعضوية في بصرى الشام العودة إلى "سويفت".. اختبار حقيقي لجاهزية البنية المصرفية التسعير والسوق.. هل حان وقت إعادة ضبط الآلية؟ وحدة كردية أم انحسار استراتيجي؟.. سحب أوراق "قسد" وإعادة رسم التوازنات في دمشق  "أمازون": هجمات سيبرانية إيرانية تمهد لعمليات عسكرية مباشرة نقص حادّ بخدمات البنية التحتية في "بابا عمرو" بحمص  "نقل اللاذقية".. جودة بالخدمات وسرعة في إنجاز المعاملات