منذ الظهور الأول له خلال أحداث مسلسل (دقيقة صمت) كان لعبارة (أهلين بالإنسان) وقعها الخاص في النفوس، وشكّلت باباً ولج من خلاله الفنان فادي صبيح إلى الجمهور بثوب جديد، فتحولت إلى تيمة ملاصقة للشخصية وباتت واحدة من صفاتها المميزة، إنه الرجل الشهم والوفي والمخلص لمن وقف إلى جانبه يوماً، له أجواؤه التي صنعها لتكون عالمه الصغير وقوقعته، هذه الشخصية بكل ما تزخر به من معالم القوة واللهفة قد تشبه في مكوّناتها العامة شخصية الكومجي (أبو الخيل) التي أداها العام الماضي في مسلسل (فوضى)، ولكن على أرض الواقع قام الفنان فادي صبيح بإيجاد المعادل الفني لها عبر البحث عن تفاصيلها ومفرداتها وتاريخها لتقديمها بروح مختلفة، فأتت بعيدة عنها حتى في المفاصل المتعلقة بالإيقاع وآلية التعبير والقدرة على الأداء حد العفوية، ولمن يذكر فحتى الشخصية التي قدمها العام الماضي تميزت بعبارة (عمنا يا عمنا) لتكون تيمتها الخاصة، فالشغل على إيجاد تيمة تجذب الجمهور، وتكون محط كلام، أو علامة فارقة، هي واحدة من أساليب الجذب وتعكس في أحد أوجهها شغل الممثل الحقيقي على الدور، وقد استطاع بحرفية عالية خلع ثوب (أبو الخيل) في (فوضى) وارتداء الثوب الجديد لـ ( أبو العزم) في (دقيقة صمت).
(أبو العزم) الشخصية التي غاص فيها إلى مكامن استطاع من خلالها نبش مكنونتها وإظهارها بلبوس يحاكي الشخصية الشعبية القريبة من القلب، قدمها بعيداً عن المغالاة وضمن الحدود المطلوبة منها وبلهجتها ومنطقها ومفرداتها المنتقاة بعناية منسجمة مع الحالة وخصوصية الشخصية وبيئتها .. يذكر أن مسلسل (دقيقة صمت) من تأليف سامر رضوان وإخراج شوقي الماجري.
ضمن هذا الإطار لا بد من الإشارة إلى أن الفنان الذي أدى هذه الأدوار االشعبية هو نفسه من قدم شخصية العازف الشفاف الذي يفيض حباً وإنسانية في الفيلم السينمائي (عزف منفرد) إخراج عبد اللطيف عبد الحميد، ما يشي بالقدرة الكبيرة على اللعب في الأداء وعلى التلّون والإقناع مهما كان البون شاسعاً بين الشخصيات المُقدمة.
الثورة – فؤاد مسعد
التاريخ: الخميس 16-5-2019
رقم العدد : 16979