ربيع الخيانة.. وصقيع العروبة!!

ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم : تتصدع جدران الوضع العربي، وتتهالك أبجديات مؤسساته، فتتوه في تلال من الرمال المتحركة، وتكاد تبتلع ما تبقى منها، تاركة خلفها ندوباً لا تكتفي بما أحدثته من تشوه في الوجدان العربي،

بل تضيف إليه الكثير من مواجع الترهل ونضوب المقدرة، والانعطاف الحاد نحو تعرجات تتدرج في انحرافاتها لتضع الشعور القومي ووجدان الأمة في ثلاجة الانتظار، وفي أدراج النسيان.‏

لم تترك الجامعة العربية ما تستر به عوراتها المهجورة على قارعة الطريق، بعد أن صادرتها مشيخات الخليج، ولم تحتفظ حتى بالحد الأدنى من عوامل الحصانة السياسية التي يمكن التعويل عليها للحفاظ على ماء الوجه، بعد أن تحوّلت إلى عبء سياسي ولوجستي بهمة عرابيها الجدد، وهو عبء يشابه وربما يتطابق مع المأزق الأخلاقي الذي تحاكي فيه جامعة الأعراب أعراض وجع لا شفاء منه.‏

باتت مطية يسارع البعيد قبل القريب للتطاول على العرب عبرها ، ويهرول العدو قبل الصديق رافعاً سيفها، فيضرب حيث ثبت عجزه، أو ما يتحرّج منه، في معركة تبدو الجامعة العربية بفضل أفكار بعض جهابذتها "الممتازة "رأس حربة، فيشن الآخرون الحروب باسمها وتحت رايتها، وأحياناً يستقوون بها وهي التي تحتاج لمن تستند عليه بعد أن أحرقت بيد أعرابها ما في جعبتها من أوراق يمكن الاتكاء عليها في زمن المحن والمتاعب والصعاب.‏

في زمن باتت فيه الجامعة العربية غريبة عن عروبتها واللغة التي تنطق باسمها ليست لغتها والمفردات التي تتصيّد حالها ليست مفرداتها، فأصبحت دخيلة على قوميتها وعلى وجودها وعلى الشعوب التي تدعي تمثيلها، في زمن كهذا، لم يعد مستغرباً أن يكون بيريز قاتل الأطفال ناطقاً باسمها، ولا أن تصبح قاعاتها ومحاضر اجتماعاتها، بوابات للنيل من العرب وقضاياهم، ولا أن تكون سبباً إضافياً لمزيد من الهم العربي المتجول في أسواق البيع والشراء، ومنصة للقصف وافتعال المعارك الهامشية والانشغال بغبار الربيع الكاذب في التسمية والمضمون، ومدخلاً لصقيع في الوجدان القومي تتجمّد فيه أحاسيس الأمة ومشاعر العروبة.‏

وفي زمن المعايير المقلوبة يصبح طبيعياً أن يتصدّر القاتل كل المشهد، وأن يتلاقى على الخط ذاته مع داعمي الإرهابيين، وأن يتطابق مع مموليهم ومسلحيهم، وأن يكون معبراً عن هواجسهم و«تمنياتهم»، وأن يكون عوناً لهم في مأزقهم كما كان موجهاً ومنظماً وقائداً من خلف الكواليس لكل خطواتهم.‏

الفارق أن القاتل يفصح عن وجهه، والجامعة العربية لا تمتلك حتى إرادة الاحتجاج، ينطق بتمنياته، وليس لها القدرة حتى أن تعترض، يقودها ويسجل باسمها، ويشرح ويسهب في شرحه بالنيابة عنها، ويقترح كذلك، بل يتفاصح في التعبير عن خطواتها المطلوبة، ولا يحق لها أن تبدي رأيها.‏

والفارق أيضاً أن من يسكت اليوم يشارك فيما تفعله الأعراب، فقد مرّ زمن كانت فيه الهفوات تغفر، والمسكوت عنه يمرّ، وربما تم ويتم بالتواطؤ المشترك، لكن حين يباح للقاتل أن يكون ناطقاً وموجهاً، نجزم أن لا أحد بمقدوره أن يكون في موقع الشيطان الأخرس، بل ليس من حق أحد أن يكون في هذا الموقع تحت أي لافتة أو شعار، ولا خلف أي ذريعة أو بدعة، حتى لو كانت من قبيل «النأي بالنفس»!!.‏

في المواجهة المفتوحة من غير المسموح أن يضيّع البعض البوصلة، ومن غير المقبول أن يخطئ في قراءة المحظورات، فالعدو هو العدو وسيبقى كذلك، وشراكة الأعراب بمشيخاتهم ومماليك النفط والغاز معه في ربيع الخيانة لم نتفاجأ بها لكنها في نهاية المطاف لا تقبل القسمة على اثنين.‏

ندرك ويدركون أن الجامعة وصلت إلى القاع الذي تغرق فيه، وتغوص في مستنقع آسن ارتادته الأعراب على مدى عقود خلت، وتريد أن تخرج من عباءة الحرج والارتباك عبر جرّ ما تبقى من العرب إلى المستنقع ذاته، وإلى المغطس نفسه، وقد فعلت ذلك دون أن يرفّ لها جفن، قد يكون مآلهم أن تغط العروبة في صقيع غفوتها، وأن يبحر الوجدان العربي في بلادة الغياب.. لكن.. كان وسيبقى صعباً على العقل العربي أن يبرر أو يفسر… أن يشرح أو يستوضح في مسلمات أرادتها الأعراب.. وجهة نظر؟؟‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
دعماً للإعمار.. نقابة المهندسين تؤجل زيادة تكاليف البناء من التهميش إلى التأثير.. الدبلوماسية السورية تنتصر  متبرع يقدم جهازي "حاقن آلي" وتنفس اصطناعي لمستشفى الصنمين بدرعا  حملة شاملة لترحيل القمامة من مكب "عين العصافير"  بحلب بين دعم واشنطن وامتناع بكين.. الرحلة الاستراتيجية لسوريا بعد القرار "2799" ما بعد القرار "2799".. كيف قلب "مجلس الأمن" صفحة علاقة العالم مع سوريا؟  خبير اقتصادي ينبه من تداعيات التّحول إلى "الريعية"  قرار مجلس الأمن وفتح أبواب "البيت الأبيض".. تحول استراتيجي في الدبلوماسية السورية  كيف حول الرئيس الشرع رؤية واشنطن من فرض العقوبات إلى المطالبة برفعها؟ ٥ آلاف ميغا واط كهرباء تعزز الإنتاج وتحفز النمو  المعرض الدولي لقطع غيار السيارات.. رسالة نحو المنافسة باستخدام أحدث التقنيات   "صحة وضحكة" .. مبادرة توعوية لتعزيز النظافة الشخصية عند الأطفال من رماد الصراع إلى أفق المناخ.. فلسفة العودة السورية للمحافل الدولية  إنجاز دبلوماسي جديد لسوريا في مجلس الأمن  الرئيس الشرع  في قمة (COP30)  :  إرادة الشعوب قادرة على تجاوز كل التحديات مهما عظمت   "  الخارجية " لـ"الثورة".. مجلس الأمن يعقد جلسة طارئة لرفع العقوبات  "روح الشام" دعم المشاريع الصغيرة وربطها بالأعمال الخيرية الشرع يشارك في فعاليات مؤتمر قمة المناخ (COP30) مصدر مسؤول في "الخارجية": لا صحة لما نشرته "رويترز" عن القواعد الأميركية في سوريا الرئيس الشرع يلتقي غوتيريش على هامش أعمال مؤتمر قمة المناخ (COP30)