يعود الحديث عن فبركات الكيماوي إلى الصدارة، في وقتٍ تتزايد فيه الأصوات التي تعرِّي الجزء الأساسي من التركيبة القائمة، وتحديداً جماعة الخوذ البيضاء الإرهابية، حيث التقارير الإعلامية والخبراء في منظمة الحظر الكيماوي تتقاطع عند نقطة أساسية، هي الإقرار بالفبركات التي تنطوي عليها تقارير المنظمة والشهود المعدّون مسبقاً.
اللافت في المسألة هو الإصرار على إعادة تركيب المشاهد وفق الطريقة السابقة، مع إضافات وتحسينات كشفت الجانب المخفي منها، وسلطت الضوء على المسكوت عنه في حبكة الخوذ البيضاء، والأدوار التي تتناوب منظومة العدوان على تأديتها وفق ما هو مرسوم، والمنحى التصاعدي في التوقيت مع تسخين الأجواء، بحيث تكون على مقاس ما يراد تنفيذه، وعلى مساحة ما هو مطلوب إعادة تدويره من زوايا وافتراءات.
فالخوذ البيضاء التي افتضح دورها ما زالت تستحوذ الحيّز الأكبر مما ينتج من فبركات الكيماوي، مدعومة بخبرات فرنسية وبلجيكية، مضافاً إليها مما يرد من دعم أميركي وبريطاني، ومن احتضان تركي الذي يبقى الأكثر مقدرةً على التأثير والتحكم بمسارات عملها، التي تتم تحت نظره وبتسهيلات مباشرة، سواء في وصول الخبراء الغربيين، أم الدعم المادي واللوجستي، ولم تؤثر حالة التململ الإعلامي من سذاجة الأداء والفبركة بإعداد المسرحيات الهوليوودية في الإصرار على الأخذ بها كقرائن لتبرير وتسويغ استمرار العدوان.
لسنا بوارد دحض كل الروايات التي تقدمها المنظومة الغربية من فبركات وأكاذيب، ولا نية لدينا في مناقشة الأمر من ناحية المنطق والعقل، الذي يبدو غائباً في المحاكمة الغربية، ويفتقد لأدنى المبررات الواقعية، لكن هذا لا يمنع من النظر إلى المسألة من زاوية التكرار ونمطيته المعتادة، سواء في التوقيت، أم في الشكل والمضمون اللذين ينطويان على عيوب بنيوية ناتجة عن خلل في الرواية الغربية وملحقاتها.
فقد بات معروفاً للقاصي والداني أن التلويح بقربة الكيماوي لا يتم تحريكه إلا عندما يبدأ الجيش العربي السوري بتحقيق الانتصارات، ويكون على وشك دحر التنظيمات الإرهابية في منطقة معينة، وهو يتكرر مع الإدراك بأنّ الأمر لن يؤثر ولن يغيّر في الحصيلة، حيث لا يحتاج الجيش العربي السوري لاستخدام شيء لا يملكه، وليس بحاجة لامتلاكه، ولم يسبق له استخدامه، ولم تستطع جميع الأكاذيب والفبركات أن تقدم رواية مقنعة حتى لمن يسوقها.
والمشكلة أن الكذبة التي لا يصدقها من أطلقها، يريدون من غيرهم أن يأخذ بها، وأن يعتبروها ذريعةّ للعدوان، وبتنا بتراكم التجربة نجد أن التلويح بها أو الترويج لها هو مؤشر على هزيمة قادمة تنتظر التنظيمات الإرهابية ورعاتها وحماتها وأدواتها، وهو ما ثبت مراراً وتكراراً غير مرة.
الفرق أنهم بتلك الفبركات والأكاذيب يثيرون غباراً يزيد من إعماء بصيرتهم، والاختلاف أنهم مهما حسّنوا بمخرجات أكاذيبهم، واستعانوا بخبرات مشغّليهم، فلن يحققوا ما عجزوا عنه بالإرهاب، والأهم أنه قرينة دامغة على إفلاس سياسي وميداني وإعلامي، بدليل أن بعض خبرائهم المعتمدين بدؤوا موسم التشكيك بالرواية، وكثير من أدواتهم وأذرعهم الإعلامية بدأت رحلة الكشف عن خبايا أكاذيبهم، وهذا يكفي للحكم على الحاصل النهائي، ولنا أن نتحضَّر لموسم إضافي يندحر فيه الإرهاب من بقعة أخرى، وتنكسر ذراع أخرى، وتتبدد الحلقة الأخيرة، بانتظار هزيمة المشروع الإرهابي ورعاته وأدواته في شكله الحالي على الأقل.
بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
a.ka667@yahoo.com
التاريخ: الثلاثاء 21-5-2019
رقم العدد : 16982