عندما يزهر الإبداع بتلات أرجوانية، تفيض حباً وشغفاً, نكون أمام معرض فردي للأديب الرسام مؤيد كنعان في صالة كلية الهندسة المدنية في جامعة البعث.
غلب على لوحاته الألوان الحالمة فنرى الأزرق بصفائه يسيطر على أغلب لوحات، ولون الزهر بهدوئه يخطه بريشته ليبدع أجمل الأزهار ونرى أضواء المدينة في سكون الليل توحي بالسحر، والبحر بصفائه متربع على عرش لوحاته، فتتحدث لوحاته عن قصة عشق أبدية، أحيكت بخيوط من الوهم، ربما توحي بخيوط رواية اسطورية سيخطها لاحقاً، ولطالما كان للقهوة حديث يحاكي الخيال، ويأخذنا على جناح الحلم بخطوط يرسمها في كعب فنجان لغجرية ترسم مستقبلا وحلماً في لحظات، فنراه يرسم خطوطا من سوادها لتبدع أجمل اللوحات، فنرى الشاميات بجمالها والبورتريه ووجها ملائكيا هو ابن الفنان، بإيمان من الفنان بأن القهوة تعطينا قرابة للمدينة كأنك تعيش فيها، والقهوة تعطي قدما للوحة وتأثيرا أكبر كشيء غير مدرك يعطي طابعا حضاريا للمدن، فيأخذها من منظور أفقي أو عامودي أو دائري أو إسقاط علوي أو محسوس باللاوعي ودفء خاص, لذلك ركز على لوحات القهوة فهي شيء جديد ومختلف, فأعطى صور المدن المدمرة رؤيته الخاصة، فرأى فيها لوحة فنية الجمال كامن بالدمار الزائل لا محالة, لأنه ناتج عن صراع الإنسان مع نفسه، لأن الإنسان ملزم بتغيير ذاته.
والمعرض عبارة عن التقاطات صورية حاول أن يستغلها,
وكان البورتريه حاضرا بخجل في المعرض وهي لأشخاص موجودين ببيئته، بسبب طرقه من قبل العديد من الفنانين، حيث أحب الفنان أن يكوّن باصرته الخاصة به, فاختار القهوة مادة للوحاته بناء على طلب من يحيطون به, كحالة تجارية يسهل تسويقها, فنرى في لوحاته مدنا عملاقة وفيها نفحة اسلامية عمرانية بتفاوت بألوان القهوة بطريقة احترافية, فترقص راقصة الباليه على الورق وتتمايل على أصداء موسيقا ملائكية مرسومة بخطوط من القهوة ولاينسى المرأة الريفية بمعالم مبهمة كدلالة على ما تعانيه من التعب بمحاولة لترسيخ عنوان داخلي للمعرض هو «النهايات اللامحدودة» وقد اعتمد في لوحاته الإبهام الاستفزازي للمتلقي ليستشعر مقاصده, وماذا يريد كل شخص فيرى نواقص داخله حيث يقرأ المتلقي حالة معينة يعيشها وليس الفنان ذاته كفنان تشكيلي، وضمن رؤية فلسفية وعنصر الجمال موجود في لوحاته لمن لا يحب أن يتعب ذاكرته..
ويظهر تأثر «كنعان» بالفنان «ديسكوفسكي» الذي يحمل له أشد الإعجاب والتأثر بكتاباته وأعماله, ويعتبر «كنعان» أن الرابط هو المكان الذي كان رافضاً له لكنه مجبر على الإقامة به ومكروه بالنسبة له فربما كان للمكان دور في زيادة دفق إبداعه ووجوده في مكان يحمل الكثير من الفوضى والضجيج هو مطحنة للفنان الحساس ولكنه انتج برغم الضجيج المحيط هذا الإبداع وبرغم الإحباط الذي يعيشه…
وتضمن المعرض أرشيف الفنان الفني فكانت تقبع لوحاته التي سبق وعرضها في ركن من المعرض..
وأخيرا تشعر خلال جولتك في المعرض بدفء لوحاته وبجو حميمي يدفعك للوقوف عند أغلب اللوحات.
سلوى الديب
التاريخ: الأحد 26-5-2019
الرقم: 16986