الملحق الثقافي-د. سلوى الحلو:
حلقت في متاهات الضباب اللامتناهية، فتكسّرت أجنحتي، وسقطت في عتمات كانت هي خرس الصمت. حاولت جاهدة أن أمدّ يدي كي أتحسس الصوت فلم أجد مرماه.
يعود الضباب ويدفعني إلى مساحات بعيدة بعيدة، يدخلني بين خيوط متشابكة ومن بينها رأيت أشخاصاً يلوحون لي بحبلٍ للنجاة. اقتربت منهم فإذا بفكين يتلقفاني ما بين التردد والقلق، كانا يمضغان خبزاً ليس كالخبز ويشربان عصيراً يشبه حلمي.
تقهقرت وأنا مازلت بين الوجود والعدم، وصممت أن أنزع من رأسي غشاوة الفكر، فإذا بي أمام شيء مبهم، وما كان هذا الوهم إلا شتات خواطري.
وما كان هذا الوهم إلا شتات من خواطري التي اقتربت مني، فأصغيت إليها وهي تهمس، وما رأيت نفسي إلا أن صرخت بصوت خافت: آه يا أبي.
كيف سأخاطبك خطاب العتاب؟ أما حان لك أن تسمعني؟ لمَ حمّلتني وزرك؟
زرعتني وسقيتني لأكون أنت.
وها أنا بقيت كهيكل يتيم لأوابد منسية هي أنت.
وها أنذا تلفحني رياح ثورتك، وتنهكني جدال أفكارك، وتقصيني ترانيم إيمانك. أما زلت تتغلغل في وجداني وقد اشتعل رأسي شيباً؟
أرجوك دعني أهرب من حقيقة زرعتها في وجداني… دعني أقنع نفسي أنني لست أنت، وأن ذاتي خُلقت لزمن غاب عنك.
اعذرني يا أبتي! فهذا حديث عقلي. ولكن إن عدت إلى أعماق قلبي، فأنت فيه وستبقى كي أعود أنا كما كنتَ.
التاريخ: الثلاثاء 28\5\2019
رقم العدد:16988