هو الجوكر في الدراما السورية الذي يمكنه إقناعك بأي دور يجسده، إن كان فقيراً أو أميراً، يتلبس الشخصية وينطق بمنطوقها، يمتلك قدرة التغلغل إلى مسامات جلدها ليقدمها بإطارها الأقرب إلى المصداقية، يقوم بتشريحها بمبضع الجراح بمهارة عالية باحثاً في أدق معالمهما الداخلية وصفاتها الجسدية والشكلانية، مفككاً تفاصيلها ودارساً حالتها النفسية وآلية علاقاتها مع المحيط وتعاطيها مع المواقف المتنوعة وطبيعة حركتها وأفعالها وحدود إيقاعها ونبرة صوتها ليُخرِجها إلى الحياة نابضة بدفق من الحيوية، فتظهر من لحم ودم. وقد استطاع فيما قدمه من شخصيات متنوعة خلال شهر رمضان أن يكون علامة فارقة تجذب إليها أقلام النقاد والإعلاميين ليشيدوا بحب كبير بما حققه من نجاح.
في الجزء الرابع عشر من (بقعة ضوء) ظهر ممتلكاً قدرة مخيفة في الكوميديا، مقدماً (الكركترات) المتنوعة بحرفية عالية ودون تعالٍ عليها، مضفياً عليها روحه مجسداً من خلالها متلازمة المرارة والطرافة معاً، يتلون معها وفق طبيعتها وحدود الدور، يذهب معها إلى الأقصى المُتاح ضمن هارموني اللوحة، فمنذ الحلقة الأولى في العمل عبر لوحة (مسؤول نموذجي) استطاع التسلسل إلى عقول المشاهدين وقلوبهم من خلال شخصية الرجل الآلي التي أظهر من خلالها مهارته العالية في اللعب على الدور ضمن المشهد، والأمر ذاته في اللوحات الأخرى بما فيها لوحة (ما التقى الدولاب).
وكما في الكوميديا، كذلك في الأعمال الأخرى حيث قدم شخصية (رسلان) في مسلسل (حرملك) إخراج تامر اسحاق مقدماً من خلالها خياراً فنياً مختلفاً له خصوصيته على صعيدي الشكل والمضمون خاصة أن الشخصية تمر بتحولات كبيرة ابتداءً من حالة الفقر المدقع وكنس الحارة والثياب البالية المهلهلة مروراً بإظهار مدى خسة الرجل وحبه للمال وصولاً إلى تبدل حاله، فجاء الشكل عاكساً لروح الشخصية من الداخل بكل ما تعج به من صفات. أما في المسلسل الاجتماعي (غفوة قلوب) إخراج رشاد كوكش وتأليف هديل اسماعيل، وإنتاج المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني ضمن مشروع خبز الحياة، فيذهب بدوره فيه إلى مطب آخر، فهنا يجسد دور أكبر منه عمراً ولكنه يتلبسه حتى في حركته الثقيلة أحياناً خاصة في حالة المرض، إنه أب ضمن عائلة فقيرة يعارك الحياة ولكن كثيراً ما نجده مكسوراً ومطأطئ الرأس في المواقف التي يجد نفسه عاجزاً أمامها، لديه ابن شاب وابنتان شابتان، ويعيش صراع القيم والمفاهيم وصراع الأجيال محاولاً الانتصار للقيم النبيلة.
الثورة- فؤاد مسعد:
التاريخ: الثلاثاء 4-6-2019
الرقم: 16993