(لم نرفع الضرائب بل نظمنا المكلفين فقط) هذا ما أعلنته وزارة المالية مؤخراً بعد وضع معايير جديدة للتسجيل والحذف من فئتي كبار ومتوسطي المكلفين ضريبياً الأمر الذي اعتبره البعض رفعاً للضريبة بنحو 10 أضعاف عما كانت عليه.
وزارة المالية التي سارعت للتبرير أن الحملة الأخيرة التي تقوم بها لتحصيل الضرائب من الفعاليات الاقتصادية والمهنية يتم تحصيلها وفق القانون وليس بشكل عشوائي كما يدعي البعض وخاصة أن وضع الضريبة قبل الأزمة مختلف عما بعدها فحتى الآن لم تحصل الخزينة على ربع حقها من الضرائب.
آلية احتساب الضريبة في سورية ما زالت تعتمد على التقدير وخاصة أن لكل حالة نسباً معينة لا بد من أن يدرسها المراقب والمدقق وفق البيانات التي يقدمها المكلف وبالتالي لا علاقة لها بشرائح المكلفين.
حتى اليوم ما زالت مشكلة التهرب الضريبي دون حل بسبب عدم الوضوح في احتساب الضريبة فما يسدده القطاع الخاص وفعالياته لا يصل إلى 22% من إجمالي الضرائب رغم أن مساهمته في الاقتصاد الوطني تزيد على 65% في سنوات الحرب بحسب الأرقام الرسمية.
نسبة التحصيلات التي تعلن عنها مديريات المال وتحديداً بدمشق توحي للأذهان أن إجراءات مالية صارمة تقوم بها وزارة المالية حيال تحصيل حقوق الخزينة لكن ما يلمس فعلياً أن تلك التحصيلات تتمركز النسبة الأكبر منها لدى ذوي الدخل المحدود في حين لا تشكل سوى 10% لدى كبار المكلفين، وقد يكون ذلك مبرراً حقيقياً للوزارة لإعادة النظر بتنظيم المكلفين بالشكل العادل.
كل ذلك يقودنا إلى أهمية الإسراع بإصلاح ضريبي عادل وواضح نمهد له من خلال أرضية صلبة، فالإصلاح الضريبي لا يمكن أن يتم دون إعادة هيكلة الضرائب لرفع كفاءة التحصيل بدون أن تحمِّل المواطن أعباء ورسوماً ضريبية جديدة وهذا يحتاج إلى خلق وعاء ضريبي يبسط الإجراءات الضريبية مع استبعاد الطبقات الفقيرة عن ذلك الوعاء.
ملف الضرائب يحتاج لرؤية واضحة تصوب المسار المنحرف نتيجة التدخل الكبير للعامل البشري ولا سيما من جهة التلاعب باحتساب الضريبة على المكلفين والأهم الشفافية بطرح قيمة التهرب الضريبي الذي لا تزال دوائرنا المالية تخاف الحديث عنه لذلك فإن كل ما نحتاجه المصداقية بين المكلفين والدوائر المالية للحد من التهرب الضريبي وثقافة دفع الضريبة كأداة تنموية واجتماعية ستنعكس بصورة إيجابية على كافة الخدمات التي تهم المواطن.
ميساء العلي
التاريخ: الأربعاء 5-6-2019
الرقم: 16994