سراب البحرين..!!

 

 

 

تشتعل المراهنات الخاطئة، وتزدحم عروض السباق إلى نيل الرضا الأميركي لتسويق خطيئة القرن، التي بدأت خطواتها الأولى بورشة البحرين في قصف تمهيدي من الإغراءات الاقتصادية الخادعة، لن يتوقف عند حدود ومساحة ما تطرحه بعض التفصيلات الملحقة، لما يجري التخطيط له على مستوى المنطقة في استنساخ مشوّه لوعد بلفور، لكنه يتفوق عليه من حيث الخطورة والكارثية، ليس على المنطقة فقط، وإنما على العالم بأسره.
فقضية الصراع العربي الإسرائيلي التي فجّرها وعد بلفور بقيت على مدى العقود التالية مصدراً دائماً لمخاطر لم تنتهِ حتى اللحظة، وكانت سبباً مباشراً في تدمير واستنزاف مقدرات المنطقة، وجلبت عشرات الحروب على امتدادها، وتعد بالكثير منها في ظلّ تآكل الكمّ الأكبر من معطيات الواقع العربي أمام تلك الخطيئة التي زرعتها الأطماع الاستعمارية.
اليوم تعود الخطيئة الاستعمارية بلبوسها الأميركي، الذي ورث ما راكمته الإمبراطورية البريطانية، وأضاف إليه كل الموبقات التي تأصلت في العقل الأميركي الأحادي وفائض القوة لديه، مع بعض التشظيات الإضافية على المؤامرة التي تحاول أن تتجاوز الاستعصاءات، والتي واجهها المشروع الصهيوني على مدى السنوات الماضية، مع ما يتطلبه الأمر من أدوات طيّعة، تقبل بما عجزت القيادات العربية، التي كان يهرول بعضها لنيل الرضا الأميركي والإسرائيلي، عن قبوله على مدى مئة عام.
الفارق الذي يضع حداً في سياق التجربة هو العودة إلى الدور الوظيفي الذي ورد في الكثير من التحذيرات التي نشأت على خلفية الحديث عمّا سمي صفقة القرن، التي بدت تعبر عن ذاتها في سياق التجربة، حيث من الواضح أنها الطريق نحو خطيئة القرن التي عجز القرن الماضي عن إنضاجها، وإذا كان وعد بلفور يجسد الخطيئة الماضية، فإن صفقة القرن تمثل الخطيئة القادمة التي يشكل الدور الوظيفي لبعض الدول أساساً محورياً في مكوناتها وأحد أهم حواملها.
فكثير من التساؤلات التي طرحت في حينها حول مفهوم الدور الوظيفي، جاءت لحظة الاستحقاق الفعلية للشروع فيه، حيث بدأ الكثيرون يتسابقون نحوها رغم التذمّر والامتعاض، ومشاركة بعضهم بورشة الدوحة جاءت تحت هذا العنوان، وإن وجود تلك الدول على المحك وكل الاعتبارات التي تنطلق منها ترتبط أساساً بالدور الوظيفي الذي يراد منه أن يغطي على المتاعب التي واجهت الأميركيين والإسرائيليين، بعد الاعتراض الكبير الذي لاقته على المستويات الشعبية والنخبوية، وفي بعضها على المستوى الرسمي.
وما نشهده من تهافت على تقديم الخدمات المجانية، واللهاث وراء المشاركة يعكس تلك الحقائق، رغم التخوفات الواضحة التي يشعر بها البعض من أن الحلول ستكون على حسابه، وأن التسويات والمساومات ستكون على وجوده، وتحديداً تلك الدول التي تواجه معضلة الدور الوظيفي، وتحمل وزر الاستقواء به على مدى العقود الماضية، وأن الإطراء لم يكن من أجل عيونها، ولا تقديراً لوجودها، بقدر ما يعكس الرغبة في تنفيذ ما عجز المشروع الصهيوني عن تحقيقه، بما فيها «الوطن البديل»، والدويلات الناشئة أو المقترحة على هامش الصفقة.
والمفاضلة هنا ليست على الماضي، بل في كثير منها على الحاضر، وبعضها على اللعاب الذي سال بعد وعود الأميركيين في سراب البحرين وهم يوزعون عطاياهم من حساب المشيخات ومستنسخاتها، وصولاً إلى ما يترتب عليها، ليكون الأعراب الحاضرين شهود إثبات على خطيئة القرن، وقرينة على حدٍّ يفصل بين عثرات السياسة الأميركية وخطايا أتباعها في المنطقة وخارجها، في لعبة يتجدّد فيها اللهاث وراء الدور الوظيفي، ليكون متسقاً مع الخرائط المحدثة وتشظّياتها.

بقلم رئيس التحرير عـلي قـاسـم
a.ka667@yahoo.com
التاريخ: الأربعاء 26-6-2019
رقم العدد : 17009

آخر الأخبار
تعزيز الشراكة لتمكين المرأة السورية.. اجتماع رفيع المستوى بين وزارة الطوارئ وهيئة الأمم المتحدة للمر... مناقشة تعزيز الاستقرار وسيادة القانون بدرعا  "الأوقاف" تعيد "كندي دمشق"إلى المؤسسة العامة للسينما  سوريا و"الإيسيسكو" تبحثان التعاون العلمي وحماية التراث الثقافي في سوريا  الاقتصاد تسمح باستمرار استيراد الجلديات وفق شروط "فسحة أمل" بدرعا ترسم البسمة على وجوه الأطفال المهجرين   عشائر عرب السويداء:  نحن أصحاب الأرض و مكون أساسي في السويداء ولنا الحق بأي قرار يخص المحافظة  المبيدات الزراعية.. مخاطرها محتملة فهل تزول آثارها من الأغذية عند غسلها؟ "العقاري" على خُطا "التجاري" سباق في أسعار السلع مع استمرار تصاعد سعر الصرف "الموازي" النباتات العطرية .. بين متطلبات الازدهار وحاجة التسويق 566 طن حليب إنتاج مبقرة فديو باللاذقية.. والإنتاج بأعلى مستوياته أولمبي كرتنا يواصل تحضيراته بمعسكر خارجي ومواجهات ودية حل فعال للحد من مضاربات الصرافة.. مصرفي : ضبط السوق بتجسير الهوة بين السعرين رسمياً المواس باقٍ مع الشرطة الرئيس الشرع يستقبل البطريرك يازجي .. تأكيد على ترسيخ أواصر المواطنة والتآخي شركات التأمين .. الكفاءة المفقودة  ! سامر العش لـ"الثورة": نحن أمام فرصة تاريخية لتفعيل حقيقي  للقطا... "ممر زنغزور".. وإعادة  رسم الخرائط في القوقاز الإنتاج الزراعي .. مشكلات "بالجملة " تبحث عن حلول  وتدخلات الحكومة خجولة ! أكرم عفيف لـ"الثورة": يحت... قبل خسارة صناعتنا.. كيف نستعيد أسواقنا التصديرية؟