الزبد التركي و«الذائقة» الأميركية

 

لم تكن تهديدات رئيس النظام التركي بشن عدوان عسكري بشكل منفرد بجديدة، فقد سبق له أن أرعد وأزبد، وربما كانت الظروف في ذلك الحين أفضل قياساً لحجم الوجود الأميركي والتغييرات التكتيكية والإستراتيجية في المقاربة الأميركية.
فاللعبة المزدوجة التي طالما مارسها التركي والأميركي على أرضية تقاسم الأهداف والأجندات وصلت إلى آخر فصولها، وهي التي افترضت مسبقاً أنها تترك للجانب التركي تحمّل التبعات المادية والعسكرية وحتى السياسية، بينما التفاهمات التي طالما تشدقت أنقرة بإنجازها مع الأميركي تبدو بعيدة المنال لاعتبارات لا تتعلق بعدم الرغبة الأميركية فيها بل بالقدرة على تحمل أعبائها، وصعوبة تسويقها بين الأدوات الأميركية ومرتزقتها.
المخاوف هنا ليست من الارتدادات والانعكاسات المحتملة، بل بقدر ما هي مرتبطة بسياق الترتيبات التي ستنتهي إليها الأوضاع، خصوصاً أن الأميركي الذي جرب على مدى السنوات الماضية سلسلة من الخيارات انتهت جميعها إلى حيث كانت نقطة البداية، وفي أغلبها أدت إلى تراجعات على المستوى التكتيكي وانهيارات استراتيجية في أوراق التعويل الأميركي على المرتزقة الذين فشلوا في كسب الرهان..!!
والمعضلة لا ترتبط فقط بالأحلام وأضغاثها التي تحول دون التورط الأميركي بعيداً في الرهان على ما سبق أن جربته أميركا مراراً وتكراراً، وهي تعي تماماً حدود القدرة ومساحة المناورة التي تمتلكها أدواتها، والخيارات التي يناور عليها المرتزقة، وليس ببعيد عنها النظام التركي الذي يحاول أن يكون له قصب السبق لكي يضمن مقعداً احتياطياً في الجانب الأميركي بعد أن شعر أن مقعده من الناحية الروسية لم يعد مضموناً، وعليه الكثير من الإشارات بعد أن فشل في تحقيق الالتزامات التي وعد بها في سوتشي وما تلاها.
ولا يخفى على الأميركيين أن الاستماتة التركية للتحرك عسكرياً ليست بريئة ولا تدخل في الحماس التركي لإصلاح ذات البين معه على أهمية ذلك وضرورته للنظام التركي، بل في جزء أساسي يحاول أن يكون خارج المقصلة السياسية المختصة فقط بمعالجة ذنوب النظام التركي وخطاياه التي لا تغتفر، وأن التوظيف السياسي لها يتجاوز حدود تقاسم الأهداف ويصل إلى مشارف الحماية للنظام ودفعة على حساب إنعاشه أو تأخير احتضاره.
بين القبول بإنعاش النظام التركي وعودة أميركا إلى الاجترار والنبش بأوراقها القديمة تبدو التقاطعات صعبة ومريرة، وربما كانت في بعض أوجهها قبول ما لا يقبل في المساومة السياسية، لكن الجردة الأميركية الأخيرة تقود – وفق الرؤوس الحامية في واشنطن- إلى أن الاصطفافات في المواجهات التي تشعلها داخل الإقليم وخارجه تستدعي في الكثير من الأحيان أن تعيد ترتيب تحالفاتها ولو مؤقتاً.
الزبد التركي المتشظي يبدو متآلفاً مع «الذائقة» الأميركية وإن كان عصياً على الهضم والاستحواذ، ويبقى زبداً مصيره الزوال والتلاشي، حاله في ذلك حال الأوهام المتورمة والأحلام المرضية للمراهنين على الأميركي والارتزاق السياسي، وإن كان يحتاج إلى بعض الوقت، وأحياناً لا بد من الاستعانة ببعض المزيلات السياسية والميدانية، وما يزيد.. يبقى رصيداً في تجارة الوهم لا قيمة له، والأهم أن لا دور يعول عليه في غرف الإنعاش السياسي، في ظل مزاجية «الذائقة» الأميركية التي تصبح على غير ما تمسي، وتجارب المرتزقة والخونة والأدوات معها قرينة يمكن تعميمها ..!!
a.ka667@yahoo.com

الافتتاحية بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
التاريخ: الأحد 28-7-2019
الرقم: 17035

آخر الأخبار
المتحدث باسم إدارة مكافحة المخدرات لـ " الثورة ":خطط ممنهجة وأهداف واضحة لتنظيف سوريا من المخدرات صراع المشاريع بعد الحرب.. ماذا بقي من المواجهة بين إيران وإسرائيل؟ 159 طلباً من مستثمرين لاختيار أمكنة أنشطتهم في "حسياء الصناعية انطلاق الماراثون البرمجي لليافعين في جامعة اللاذقية البنوك المراسلة في الخارج.. خطوة لتسهيل عمليات الاستيراد جرعات تفاؤل في "فود إكسبو 2025" والمنتج السوري بالبصمة العالمية أهالٍ من درعا يقدمون العزاء بضحايا كنيسة مار إلياس دوما تتحرك نحو الإعمار التعليمي " الأوروبي" يطالب بمحاسبة مرتكبي تفجير كنيسة مار إلياس الأسعار الرائجة للعقارات ظلم امتد لكل القطاعات .. إدريس لـ"الثورة": ضاعفت تراخيص البناء والرسوم   الأمم المتحدة: لا مستقبل في سوريا دون محاسبة المخدرات .. الخطر الصامت   أضرار نفسية وجسدية مدمرة ..كيف نتخطاها..؟  حصرياً لـ"الثورة.. من الكبتاغون إلى شراب السعال.. أنس يكشف رحلة السقوط والتعافي مجالس الصلح بريف  حماة.. تسوية النزاعات الأهلية والمجتمعية انقطاعات متكررة في خدمات الاتصالات وADSL في جرمانا إصلاحات ضريبية شاملة  و"المالية" تبدأ العد التنازلي للتنفيذ 165 مستثمراً و32 ينتظرون الترخيص الإداري في "حسياء" اللجنة العليا لانتخابات مجلس الشعب تعقد اجتماعاً مع فعاليات حمص تعزيز التعاون مع الجهات المجتمعية بحلب في مختلف القطاعات المخدرات.. آلة هدم ناعمة تنهش نسيج المجتمعات