لعلنا نتفق أن من لا يستفيد من دروس الزمن الذي يمضي وتذهب معه الكثير من وقائع الحياة دون أن يتوقف عندها فهو الخاسر الأكبر سواء لجهة هدر الزمن أو عدم الاستفادة من الدروس والتجارب. والأمر هنا يعيدنا إلى استنزاف نهر الخابور وكل ما جرى بدءاً من الحفر العشوائي وعدم الحفاظ على ثروته الوطنية وصولاً إلى جفافه.
واليوم ثمة ظاهرة خطيرة هي الاعتداء على الأراضي الزراعية من خلال بناء مشاريع مختلفة.
لقد قيل منذ عدة عقود الكثير من الكلام حول الخطر الذي يهدد القطاع الزراعي إذا لم يقف العمل العشوائي في استعمالات الأراضي الزراعية وكان وزير الزراعة الحالي المهندس أحمد القادري مديراً للزراعة بالحسكة عندما قاد حملة توعية عبر المؤسسات الزراعية والوحدات الإرشادية عبر الندوات وورشات العمل من أجل ضبط استعمالات الأراضي الزراعية ولا سيما أن مساحاتها قليلة وبالتالي فإن الحفاظ على هذه الأراضي هو واجب وطني لأنه الأساس في تأمين الأمن الغذائي لسورية وأي تهاون أو تقاعس في هذا الموضوع سيأتي اليوم الذي نجد فيه أرضاً لا نستطيع زراعتها، ولذلك فإن الحفاظ على الأراضي الزراعية مسؤولية وطنية وهي مسؤولية كل فرد في الوطن. مع الإشارة إلى أن وزارة الزراعة كانت قد طلبت من السادة المحافظين وضع خريطة تنموية لكل محافظة تحدد عليها المناطق التي تقام فيها مشاريع استثمارية غير زراعية حتى يتم إخراجها من الاستخدام الزراعي إلا أنه لم تصل وزارة الزراعة من أي محافظة الخريطة المطلوبة ولذلك فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو: لو أن مثل هذه الخريطة موجودة وتم التقيد بها هل كنا نشعر بالخوف أو القلق على أراضينا الخصبة.
إن القاعدة الأساسية في هذا السياق هي أن نجعل جميع الناس يشعرون بالأمان بشأن الغذاء الذى يحتاجونه فالحصول على الغذاء يشمل الكثير من الخطوات وعلينا أن نفهم من أين يأتي غذاؤنا حتى يمكن أن نتخذ القرارات السليمة بشأن الطريقة التي يمكن أن نوفر بها هذا الغذاء وعلينا أن نتذكر دائماً أن أكثر من 60 بالمئة من مجتمعنا هو مجتمع يعتمد على الزراعة ويعيش في مناطق ريفية وأن الزراعة هي أساس الاقتصاد السوري وقد اهتمت الدولة بشكل كبير بهذا القطاع.
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم من جديد: ماذا نفعل عندما نستنزف الأراضي الزراعية الخصبة وما الفائدة من كل المنشآت والاستعمالات غير الزراعية إذا لم نستطع تأمين الغذاء للوطن والمواطن.
يونس خلف
التاريخ: الثلاثاء 10-9-2019
رقم العدد : 17071