تُحاول واشنطن – عبثاً – اللَّحاق بالتطورات الميدانية والسياسية التي تتسارع حركتها خلافاً لمُخططاتها، وبالاتجاه المُعاكس لمشاريع البلطجة والعدوان التي تُديرها، ذلك بالادعاءات الكاذبة لغاية التعطيل حيناً، بالإنكار أحياناً، وبارتكاب المزيد من الحماقات – اعتداءات وعقوبات وتهديدات – دائماً.
الأدلة المُتكاثرة التي تُدين سلوكيات واشنطن وسياساتها، تلك التي تؤكد تَورطها بصناعة الإرهاب واستثماره، وتلك التي تُشير إلى حَصرية اشتغالها على توليد المزيد من الأزمات حول العالم، ربما يَصعب جَمعها، ويَستحيل إبراء ذمتها منها!.
في هذه الأثناء يلعب الجمهوريون والديمقراطيون – داخلياً – لعبة تصفية حسابات بينهما تحت عنوان عزل الرئيس أو مُساءلته، هي بلا شك لعبة جديدة مُبتكرة قُبيل الانتخابات، فيما يبدو – خارجياً – أن ثمة حالة دولية بمُواجهة أميركا تتبلور، قد تتأخر، وقد لا تَنجح بعزلها وتَحجيمها، لكنها لن تُبقي المساحات مفتوحة لها، لا لإتاحة الفرص لمُجاهرتها بممارسة التعطيل والمُصادرة، ولا لنَوازع شرورها لتَغلُب وتَتَغلب.
في سورية، تعتقد واشنطن واهمة، أنه ما زال بمقدورها القفز على الوقائع والمُعطيات، بطريقة حَرق المراحل التي تتكشف أوهامها أولاً: بمُحاولة تعطيل إنجاز تشكيل لجنة مناقشة الدستور، واعتماد قواعد إجراءات لعملها لا تقبل التدخل وترفض أي اختراقات مُحتملة، وثانياً: بمُحاولة صُنع الفَرق على الأرض تُترجمه أدواتها من الميليشيات الانفصالية والتنظيمات الإرهابية في إدلب ومنطقة الجزيرة.
عمليات التجنيد التي تلقت تلك التنظيمات والميليشيات الأمرَ من واشنطن بتَسريعها مع الإعلان عن مُضاعفة الرواتب الشهرية، لا تُمثل فقط دليلاً على حماقة العودة الأميركية التركية الخليجية للرهان على الحُثالات والمرتزقة، بل تؤكد أيضاً أن التمويل القذر للإرهاب لم يتوقف وما زال يَتدفق من المَحميات الخليجية. وكما لم يَتوقف التسليح عبر اللص أردوغان، فإن كذبة الكيماوي الجديدة تؤكد عدم تَوقف مسلسل التضليل والكذب والفبركات!.
ما يجري على هذه الجبهة – في سورية – يَنسحب على باقي جبهات المواجهة بلا استثناءات، في العراق واليمن، ومع إيران، إذ تملأ الأكاذيب والادعاءات التافهة فضاءات السياسة والإعلام حتى باتت أمراً لا يَستحق الرد عليها إلا بتجاهلها، بمُقابل مُواصلة الفعل المُؤثر.
دحرُ الإرهاب واجتثاثه وإغلاق بؤرته في إدلب، افتتاحُ معبر القائم البوكمال كشريان بأبعاده المُتعددة، استبعادُ الانفصاليين أدوات أميركا وإسرائيل من العملية السياسية، إسقاطُ التحشيد الأميركي بالخليج تحت العناوين المزعومة بحماية الملاحة البحرية، جعلُ تحالف العدوان على اليمن يَألم – أرامكو ونجران الأُنموذج – هل هي إلا الرد العملي على غطرسة أميركا ومعسكرها؟ وإذا كان تَطور الحال معها يَكشف عن رزمة أخرى من نَوازعها الشريرة، فإن مروحة الرد القابل للتطور أيضاً، ستَتَسع وتَتَعاظم.
كتب علي نصر الله
التاريخ: الأربعاء 2- 10-2019
رقم العدد : 17088