أصابع واشنطن على زناد الإرهاب والابتزاز الاقتصادي… القواعد الأميركية وسيلة للتجسس والهيمنة الاستعمارية
على مر الادارات الاميركية المتعاقبة، كان الشرق الاوسط في سمت السياسة الاميركية لمحاولات الهيمنة الاستعمارية عليه وبقيت منطقتنا على الدوام نصب عين الطمع الاميركي لما تمتلكه من مقدرات وثروات يسيل لها لعاب الجشع الاميركي من جهة، ومن جهة ثانية لحفظ امن الكيان الصهيوني الغاصب عن طريق وجود قواعد عسكرية اميركية تجسسية تراقب وتتجسس على الدول التي ترفض الهيمنة الاميركية وتتمسك بثوابت تحرير الاراضي المحتلة ودحر المحتل فقامت ببناء عدد كبير من القواعد العسكرية على خريطة المنطقة لتطويق هذه الدول الرافضة للتبعية ولتهديد أمنها.
فلم يعد خافياً على احد ان الوجود الاميركي في الشرق الاوسط سواء كان بلبوس عسكري عبر قواعد ارهابها العسكرية ام اخذ طابع هيمنة اقتصادية واستثمارية كما هو الحال في العديد من المشيخات النفطية، هذا الوجود لم يكن وليد اللحظة ولم يكن مبنياً على ادعاءات لطالما سوقتها الادارات الاميركية المتعاقبة منها مزاعم محاربة الارهاب والدفاع عن حقوق الشعوب المستضعفة كما تروج انما لتحقيق اهدافها الخبيثة المتمثلة بسرقة مقدرات الشعوب وممارسة البلطجة والنهب فضلاً عن تحقيق هدفها الابرز وهو حفظ امن ربيبتها الصهيونية التي تريد تسييدها في المنطقة ككيان ارهابي يمارس عربدته العدوانية بكل اريحية.
فالاهداف الاميركية الخبيثة والنيات المبيتة باتت حاضرة في كامل المشهد في الشرق الاوسط من خلال استمرار واشنطن بضخ المزيد من الجنود الاميركيين على امتداد رقعة المنطقة المستهدفة بالطمع والعداء الاميركيين وببناء المزيد القواعد الاحتلالية لها فضلاً عن الاستمرار بتصنيع الارهاب في المختبرات الاميركية ونشره في المناطق الغنية بالثروات لسرقة مقدرات الشعوب.
حيث ان الانسحاب الاميركي المزعوم الذي روج له الرئيس الاميركي الحالي دونالد ترامب من سورية ومن قبله الرئيس السابق باراك اوباما من العراق وافغانستان ليس الا اكذوبة اميركية لطالما عرفتها شعوب المنطقة والهدف منها ايهام العالم بأن الوجود الاميركي مؤقت وانها ستنسحب عند انتهاء مهمة قواتها المحتلة، على عكس الوقائع على الارض والتقارير التي تسلط الضوء على جرائم واشنطن في الشرق الاوسط واهدافها الاستعمارية اثناء وجود قواتها المحتلة في المنطقة.
فالنفاق الاميركي لم يأت على لسان ترامب فحسب بخصوص الانسحاب المزعوم من سورية انما جاء على لسان سلفه الرئيس السابق باراك اوباما، حيث كانت لدى أوباما تصريحات كاذبة حول الوجود الأميركي في منطقة الشرق الأوسط. وزعم في عام 2007 بشيكاغو انه حان الوقت لأن ينتهي الوجود الاميركي في العراق وأنه مصر على جلب القوات الاميركية من أفغانستان بنهاية ولايته الثانية. وكرر ترامب نفس اسطوانة المشروخة التي يرددها اليوم بالقول بأنه لا حل عسكريا للنزاعات حول العالم. ومع أنه سحب القوات من العراق عام 2011 إلا أنه أعادها عام 2014 تحت ذريعة وجود تنظيم «داعش» الارهابي الذي سيطر على مناطق واسعة في العراق وسورية، ولم ينجز أبدا خطته المزعومة لسحب القوات من أفغانستان. فضلاً عن ذلك فانه أثناء حكمه الذي استمر 8 أعوام شنت الولايات المتحدة اعتداءات على سبعة دول هي أفغانستان وليبيا وباكستان والصومال وسورية واليمن.
الاكاذيب التي جاءت على لسان اوباما بخصوص العراق وافغانستان لا تختلف عن اكاذيب ترامب اليوم في سورية حيث ان ترامب لطالما تعهد بشكل متكرر لسحب القوات الأميركية المحتلة من سورية حيث زعم في احدى تغريداته ان واشنطن تقوم ببطء وحذر بجلب جنود احتلالها إلى اميركا وقال أمام الصحفيين لقد حان الوقت للعودة إلى البلاد، وبدا واضحاً أن كلام ترامب على عكس افعاله، ففي الوقت الذي ادعى فيه أنه سيسحب القوات الاميركية المحتلة من سورية أعلنت وزارة الحرب الاميركية ان عدد جنود الاحتلال الاميركيين لم يتغير . ثم أعلن مارك إسبر وزير الحرب الاميركي عن سحب ألف جندي من سورية إلى العراق ما يعني أنهم لن يعودوا إلى أميركا، ثم عاد وقال إن الجنود الأميركيين في سورية لن يخرجوا كلهم منها. كما زعم أثناء زيارة له إلى أفغانستان أنه سيتم الاحتفاظ بقوة صغيرة تحت ذريعة حماية حقول النفط من تنظيم «داعش» الارهابي وغيرهم ممن سيحاولون استخدام موارده لتمويل نشاطاتهم الارهابية، فضلاً عن ذلك فان ترامب لم ينفذ وعده باعادة القوات الأميركية البالغ عددهم 1000 جندي من سورية ، وما فعله هو أنه نقل 50 جندياً أميركياً فقط خارج شمال سورية لإبعادهم عن طريق العدوان التركي.
وخلال عهد ترامب ارسلت ادارته ما يقرب من 2000 جندي ومعدات عسكرية متطورة إلى السعودية تحت ذريعة حماية المملكة الوهابية من تهديدات مزعومة، وهي خطوة من شأنها أن تزيد من وجود أميركا في الشرق الأوسط.
وكشف ترامب أن مملكة آل سعود وافقت على أن تدفع للولايات المتحدة مقابل إرسال قوات أميركية إلى المنطقة، وأضاف ترامب حينها أن إرسال أي جنود إلى الشرق الأوسط يجب أن يكون مرهوناً بالحصول على مقابل مالي.
بالمحصلة فما فعلته وتفعله اليوم اميركا في المنطقة العربية يصب برمته في مصلحة ربيبتها «اسرائيل»، حيث انها قامت بتخريب العراق، وسرقت ثرواته وآثاره، وحاولت استنزاف جيشه وزرعت تنظيم «داعش» فيها وحاولت زعزعة الاستقرار في سورية وضخت الارهابيين اليها من كافة اصقاع العالم ودعمتهم بالمال والسلاح وسمحت لتركيا بغزو الشمال السوري واحتلال اراضيه، وأصدرت الأوامر لمشيخة قطر لدعم الارهابيين في سورية، كما مارست سياسة الابتزاز على دول الخليج لاستنزاف وسرقة ثرواتها. ونشرت الفوضى في ليبيا بعد إسقاط حكومتها وحل جيشها وكل ما تفعله اميركا في منطقتنا من محاولات تمزيق وتفتيت لدول المنطقة هو لخدمة الكيان الصهيوني.
ففي الشرق الاوسط يوجد عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين ممن لا يشاركون في النزاعات ولكنهم يدعمون مشاركة أميركا في تأجيج الحروب وافتعال الازمات من خلال القواعد العسكرية المنتشرة بالمنطقة مثل قاعدة العديد في قطر والقاعدة البحرية في البحرين، وقد حافظت الولايات المتحدة الأميركية على وجود قواتها العسكرية في الشرق الأوسط على مر العقود، ووفقاً للقيادة المركزية الأميركية، فإن الولايات المتحدة تمتلك 800 قاعدة عسكرية في العالم، وما بين 60 ألف و70 ألف عسكري في منطقة الشرق الأوسط.
الثورة- رصد وتحليل
التاريخ: الثلاثاء 19 – 11-2019
رقم العدد : 17126