المشروع الوطني لمكافحة الإيدز في سورية ..تكامل الخدمات الصحية في مواجهة الفيروس … تقصي للمرض وتأهيل للأطباء
غالبا ما تحمل القصص التي يرويها الأشخاص المصابون بفيروس نقص المناعة (الإيدز)، أو المتعايشون معه، مشكلات اجتماعية وأخطاء سلوكية أوصلتهم إلى هاوية المرض، والكثير منها كانت بسبب حوادث خارجة عن إرادتهم، إما عن طريق أدوات غير معقمة عند طبيب الأسنان أو نقل الدم الملوث غير المفحوص أو من الأم المصابة إلى الجنين أو الوشم أو التعاطي الوريدي للمخدرات وغيرها.عن جملة الاجراءات والمستجدات التي عملت عليها الجهات المعنية أشار المعنيون من خلال الندوة المركزية التي أقامتها وزارة الصحة في الأول من الشهر الحالي بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الايدز والذي حمل شعار «دمج مرض الايدز بالخدمات الصحية، بغية التكامل في مواجهة فيروس العوز المناعي البشري.
الكشف المبكر يؤخر ظهور الاعراض
وبهذه المناسبة يبين الدكتور أحمد عبد الرحمن خليفاوي معاون وزير الصحة إنه لا يوجد علاج شاف لمرض الإيدز إلا أن كشف العدوى مبكرا واستخدام الأدوية المتاحة يؤخر ظهور الأعراض فيصبح الشخص قادرا على العمل والعطاء بلا تمييز، مشيرا إلى أن جميع الجهود المبذولة في هذا الاتجاه تركز على الحد من انتشار المرض وتخفيف الإصابات، إذ تقوم وزارة الصحة بجهود حثيثة في مجال التثقيف والتوعية والتركيز على الإرشاد النفسي وتقديم الخدمات المجانية في التحليل والتشخيص والعلاج في جميع مراكزها الصحية.
وأكد خليفاوي أنه تزامنا مع اليوم العالمي للإيدز الذي اعتمد هذا العام شعار (دمج مرضى الإيدز بالخدمات الصحية) أن سورية من الدول ذات الانتشار المنخفض بالنسبة لمرض نقص المناعة المكتسب الإيدز. حيث تتوجه برامج الصحة للتخلص من المرض ودمج المصابين به في المجتمع والتقليل من معاناتهم ودعمهم صحيا ونفسيا واجتماعيا وتقديم العلاج المجاني لهم ، وهي مستمرة في الخطط والبرامج الوطنية للوقوف في وجه المرض ونشر الوعي الصحي حوله وتدريب الأطباء لتقديم العلاج من خلال ثلاثة خطوط وطنية ضمن استراتيجيتها (الصحة للجميع).
لا زدياد على الإصابات
كل شخص يريد الاطمئنان على نفسه أو عائلته يتوجه مباشرة إلى مركز المشورة وهناك اختصاصيون بتقديم المشورة بشكل سري ومجاني 100% هذا ما أكدته الدكتورة هزار فرعون مديرة الأمراض السارية والمزمنة في وزارة الصحة والذي يأتي ضمن استراتيجية بلوغ الأهداف ووضع حد للوباء من الانتشار بحلول عام 2030 مشيرة إلى أن العدوى بمرض الإيدز انخفضت منذ عام 2000 بعد أن قطع العالم شوطا طويلا في بلوغ أهدافه وأن أهم الأغراض التي تسعى إليها الوزارة في مشروعها للحد من الإيدز هي دمج الخدمات الصحية وتمكين المجتمعات المحلية، والحد من ولادات جديدة مصابة، وحث الناس على إجراء اختبار الإيدز لكشف العدوى ومعرفة حالتهم الصحية وتأمين العلاج للمتعايشين مع الفيروس.
وبينت فرعون أن سورية لاتزال ضمن الدول المنخفضة في الإصابة بمرض الإيدز على المستوى الإقليمي، وهذا ناتج عن خدمات التوعية التي تقدمها الوزارة بالتعاون مع الشركاء الوطنيين وطبيعة المجتمع السوري، فالعدد لا يتجاوز الألف كاملا ومنهم سوريون وغير سوريين، كما أنه لا يوجد ازدياد على الإصابات أو على نسبة الانتشار. وهناك رقابة كاملة وتنظيم في عملية التبرع بالدم فكل من يتبرع بالدم يتم فحصه، وتواصل مستمر مع بنوك الدم في المحافظات وأي حالة مشتبهة يتم إرسالها فورا إلى المراكز المتخصصة، ويحجز كيس الدم لحين التأكد من خلوه من الإصابة.
خدمة في كل مركز
تجري مخابر وزارة الصحة ومراكز المشورة والاختبار الطوعي فحص الإيدز بشكل طوعي ومجاني وسري. إذ تقدم الخدمات في جميع المراكز بحسب مستواها وتصنيفها، وبحسب مديرة الأمراض السارية والمزمنة: كل منها سيكون له خدمة معينة متعلقة ببرنامج الإيدز بالإضافة للمراكز المتخصصة والتي تقوم بعملها بشكل مستمر، وفي كل مركز بحسب تخصصه يكون نوع الخدمة التي تتعلق ببرنامج الإيدز، ويمكن تقديم التوعية والمشورة في جميع المراكز بينما تجرى الاختبارات في المراكز المتخصصة بالإيدز بحيث تصل كل خدمة إلى مستحقيها وهذا الأمر سيبدأ العمل به مع بداية السنة القادمة.
تولي منظمة الصحة العالمية اهتماما كبيرا لقطاع الأمراض المعدية والسارية بما فيها الإيدز وتعمل بشكل خاص لتقوية برامج التوعية والوقاية من المرض وترصده، من خلال إجراءات أكثر فعالية في الكشف التطوعي عن الحالات وتدريب الكادر الطبي على تقديم العلاج والدعم والمشورة للمصابين بالمرض مع التأكيد على متابعة حالات الإصابة بالفيروس وتأمين الاحتياجات المخبرية اللازمة لهم.
فقد بين ممثل الصحة العالمية بالإقامة نعمة سعيد عبد أن المعدل العالمي لمرض الإيدز في انخفاض منذ عام 2015 وهناك جهود لمكافحة الوباء منذ 40 عاما، مشيرا إلى أن العنصر الأساسي في هذا الموضوع هو الكشف عن المرض والتخفيف من الوصمة من خلال التركيز على خطوات عملية توصل إلى الفحص الطوعي والعلاج الآمن بشكل مجاني.
أهم رادع للعدوى
تختلف الحلول والوسائل باختلاف المجتمعات ولابد من العمل على نشر التوعية الجنسية الصحية السليمة باعتبار أن جميع الدراسات أكدت أن 80% من الإصابات ناتجة عن ممارسة العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج. وفي إطار الحماية تحدث الدكتور يوسف أسعد رئيس نقابة الأطباء في سورية عن دور المنظمات في محاربة المرض والذي لا يقتصر على التوعية، في إشارة إلى أن احدث مراكز الفحص الطبي ما قبل الزواج كان له دور كبير في حصر الإصابات وكشفها وتوجه الناس نحو التحليل المخبرية والاطمئنان عن أنفسهم ليس فقط في موضوع الإيدز بل في جميع المشكلات الصحية. وبخاصة أن هناك الكثير من الأمراض لا تظهر أعراضها إلا بعد مرور فترة من الزمن.
تحديث الاستراتيجية الوطنية
بدوره مدير البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز الدكتور جمال خميس أكد أن وزارة الصحة مهتمة بوضع الأسس الصحيحة باستمرار للتكامل مع السياسات العالمية التي تحد من انتقال عدوى فيروس العوز المناعي البشري وانطلاقا من هدف الاستراتيجية الوطنية في الوقاية والحد من انتشار العدوى وخفض الاصابات الجديدة بعدوى فيروس نقص المناعة البشري والوفيات ،لافتا أن البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز قام بالعمل على وضع خطة استراتيجية للوقاية من المرض للأعوام 2015 و 2019 ونحن بصدد تحديث الاستراتيجية الوطنية للأعوام 2020 و2024 بما يتناسب مع الوضع الراهن بعد تضرر العديد من المرافق الصحية .حيث هناك ما يقارب العشرين بندا عمل عليها البرنامج منها:
متابعة الوضع المعيشي بعدوى الفيروس في مجال تقديم الخدمات الطبية والدعم النفسي وتأمين العلاج المجاني للمتعايشين مع الإيدز ، بالإضافة إلى متابعة خطة التقصي لمرض الإيدز بين الفئات عالية الخطورة والأقل خطورة مع تأمين اختبارات للمرض لتقييم مدى الاستجابة ،مبينا أهمية إجراء الاختبارات للمواطنين للحصول على وثائق الخلو من مرض الإيدز ، من ناحية تفعيل مراكز المشورة والاختبار الطوعي لتشخيص عدوى المرض للراغبين بشكل مجاني.
التعايش مع المرض
ومن النقاط التي عمل عليها البرنامج الوطني تأمين العلاج للمتعايشين حيث تتوفر ثلاثة خطوط علاجية مع تأمين أدوية لمعالجة الأطفال حديثي الولادة ، وكذلك تم تأهيل خمسين مشاركا من أطباء النسائية والتوليد العاملين في مشافي وزارة الصحة والمراكز الصحية حول منع انتقال عدوى الإيدز من الأم الحامل إلى الجنين إلى جانب تأهيل خمسين مشاركا حول منع انتقال عدوى ايدز الأم الحامل إلى الجنين للقابلات العاملات في المراكز الصحية وكذلك تأهيل خمسين مشاركا من الأطباء على البروتوكول العلاجي للمتعايشين مع فيروس الإيدز من وزارات (الصحة ، الدفاع، الداخلية، التعليم العالي).
ومن خطة البرنامج أيضا تأهيل مئة مشارك من الأطباء العاملين في المراكز الصحية حول الأمراض المنتقلة بالدم بما فيها الإيدز والتهاب الكبد ، إضافة لتأهيل 720 من الشباب من خلال جلسات تثقيفية توعوية للشباب في معظم المحافظات حول المرض وطرق الانتقال والوقاية ،حيث يوازي تلك الانشطة زيارة إشرافية لشعب الإيدز ومراكز المشورة بالمحافظات لمتابعة عمل المرضى وتقييم البرنامج ، إضافة إلى عقد اجتماعات لأعضاء اللجنة الوطنية التي تضم ممثلين من كافة الوزارات والجمعيات غير الحكومية، وكذلك عقد اجتماع حول كسب تأييد أصحاب القرار حول القضايا المتعلقة بمرض الإيدز ، وإقامة ورشة عمل حول تحديث وتطوير عمل البرنامج.
وأوضح خميس أن وزارة الصحة تسعى جاهدة للتخلص من الوصمة والتمييز للمتعايشين مع فيروس مرض الإيدز ودمجهم بالمجتمع والتقليل من معاناتهم ودعمهم نفسيا واجتماعيا والاستمرار في تقديم العلاج المجاني لمرضى الإيدز كافة. ومن الناحية الوبائية أكد خميس أن سورية من الدول ذات الانتشار المنخفض بالنسبة لمرضى الإيدز مقارنة بغيرها من دول المحيط حيث بلغ المجموع الكلي لحالات الإيدز المكتشفة منذ عام 1987 حتى 1/12/2019 هي 1013 حالة للسوريين وغير سوريين منهم غير سوريين 347 والسوريون 666 حالة ، فيما بلغ عدد الأشخاص المتعايشين بعدوى الإيدز الذين يتلقون العلاج 248 حالة. وفي نهاية حديثه شكر الدكتور خميس جميع الشركاء الوطنيين والمنظمات الدولية الذين يساهمون بدعم البرنامج الوطني لمكافحة الإيدز.
غصون سليمان ..ميساء الجردي
التاريخ: الأربعاء 4-12-2019
الرقم: 17138