بقي اقتصاد الظلّ في سورية مثار جدل خلال العدوان لعدم وجود أرقام دقيقة عن حجمه رغم كل المحاولات لإجراء تعداد حول ذلك النوع من الاقتصاد الذي انتشر بشكل واسع وخاصة في مناطق العشوائيات.
وإذا ما توقفنا عند أخر إحصائية رسمية حول نسبة العاملين في القطاع الخاص غير المنظم والتي تقارب الـ 30% من حجم المشتغلين في حين مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي تصل إلى 65% يجعلنا نقف ملياً أمام مشهد واقعي بحاجة إلى تنظيم متوازن.
قد يكون أهم ما يقلق الجهات الوصائية الهدر الكبير نتيجة ضياع التحصيلات الضريبية التي يقدرها البعض بحدود 1750 مليار ليرة سنوياً من الضرائب المحتملة، وهذا يعني تراجع الإيرادات العامة وزيادة عجز الموازنة ما يترتب عليه زيادة العبء الضريبي على النشاطات الرسمية لتعويض النقص الحاصل في الإيرادات الضريبية وكذلك زيادة الضرائب غير المباشرة التي تصيب الفقراء أكثر من الأغنياء.
لكن دعونا ننظر إلى الجانب الإيجابي لهذا النوع من الاقتصاديات وخاصة في الحروب والأزمات ومع تراجع القوة الشرائية كونه يساهم في خلق الكثير من فرص العمل وبالتالي يخفف من حدة البطالة ويزيد الدخول لبعض الشرائح بمعنى أنه يسهم في الحد من الفقر وله دور في تحفيز نسبة النمو الاقتصادي نتيجة زيادة حجم الإنفاق الكلي.
بالعودة إلى الوراء أي ماقبل الحرب الظالمة على سورية كنا نقرأ الكثير من التحليلات حول واقع هذا القطاع الذي أشبع لجهة تحليل عوامل نشأته وتوسعه وتأثيراته، ومع ذلك فإن الإجراءات الحكومية قبل سنوات العدوان لم تنجح في ضبط توسع هذا القطاع وانتشاره، بل على العكس بعض الإجراءات والقرارات كانت سلبية وأسهمت بتوسع هذا القطاع غير المنظم في بعض المحافظات والمناطق.
الحلول التي تطرح حالياً كثيرة للخروج من هذا الواقع، لكن قد يكون الأكثر التصاقاً بالواقع هو إمكانية اتخاذ كل ما يلزم لتحريك عجلة الإنتاج و تحريك الأنشطة الاستثمارية بما فيها تشغيل المدخرات العائلية والودائع المصرفية لتصب في الاقتصاد بدل ذهابها إلى المضاربة على الدولار.
المهمة اليوم صعبة أمام الجهات الحكومية لوقف تمدد هذا القطاع لجعله شريكاً أساسياً وذلك عبر قوننته بقانون يتناسب والظروف الراهنة والمستقبلية، وهذا يتطلب تضافر الجهود الحكومية والنقابية ومؤسسات المجتمع الأهلى والقطاع الخاص.
ميساء العلي
التاريخ: الأربعاء 15- 1 -2020
رقم العدد : 17169