خلف الكاميرا.. وأمامها

 

إلى أي مدى يمكن أن ينعكس ما هو خلف الكاميرا على الشاشة؟.. وبمعنى آخر هل لطبيعة العلاقات والأجواء داخل موقع التصوير وفي الكواليس أن يكون لها سطوة التأثير على الناتج النهائي للعمل؟.. السؤال قد يبدو في ظاهره بسيطاً ولكنه في العمق يحمل ألف حكاية وحكاية، خاصة أننا أمام واقع مؤلم بات من الصعب تجاهله أو التبرؤ منه, فاليوم طفت على السطح العديد من المشاحنات والخصومات وأصبحت تفاصيلها مثار حديث (الدهاليز) في العلن والخفاء، ولم تعد تمتلك قدرة أن تخفي نفسها مهما جرت المحاولات للمناورة عليها أو التغاضي عنها وتفادي انجرار الوقوع في مطباتها، هي أمر واقع أصبح ملموساً حتى في بعض الأعمال التي تم تصويرها لتعرض في شهر رمضان القادم على الفضائيات.
وقد تمتد هذه الخلافات إلى أبعد مما (وراء الكاميرا) ما ينذر بمشكلة أكبر يمكن أن يطال تأثيرها الحالة الإبداعية ككل, فأحد عناصر النجاح شعور المشاهد أن مجموعة العمل أسرة متكاملة, ولكن إن لم يكن هناك توافق فيما بينهم لن يكون للمسلسل روح واحدة ما يفقده المصداقية، وعلى الرغم من حالة الاحتراف التي يتعاطون بها مع التصوير وقدرتها على فرض نفسها لإيصال المسلسل إلى بر الأمان، إلا أن ما نذهب بالحديث عنه هنا يتعلق بالروح وبالإيقاع العام لكل مشهد سعياً إلى اقناع المشاهد بعيداً عن حالة الاصطناع والفتور.
والمشكلة اليوم أن عملاً قد يتوقف عن التصوير لفترة زمنية وما أن يعاود الإقلاع حتى تظهر عراقيل تفرض تأجيل التصوير مرة ثانية وثالثة, ومن الأمثلة الحاضرة أيضاً خلافات مبطنة أو ظاهرة بين صناع العمل والذين من المفترض أنهم شركاء, ويحدث أن ترى أعمالاً مهمة تتوقع أن تحقق نجاحاً وأخرى تحوي شكلاً جمالياً ونصها جيداً لكنها لا تصل إلى روحك وشفافيتك الإنسانية، والسبب يتعلق قبل كل شيء بالروح التي كانت حاضرة أثناء التنفيذ.
وفي المقابل فإن الأجواء الإيجابية أثناء التصوير ستظهر حتى من خلال حركة الأعين والروح المفعمة التي تتلقفها الكاميرا لتنقل نبضها إلى الشاشة, ومن شأن هذه الأجواء منح الممثل القدرة على العطاء بشكل أفضل, وبالتالي حالة الانسجام والوفاق والهارموني بين مجموعة العمل سيكون لها مردود إيجابي حتى على آلية الأداء وروح العمل الدرامي المُقدم, فالحب هو مولّد الإبداع, والهم المشترك والتواصل الإنساني عناصر وقفت وراء نجاح الكثير من التجارب السابقة, فهناك علاقة تناسبية في حالة الانسجام خلف وأمام الكاميرا وستصل روح هذا الانسجام للمتلقي عبر اللقطات والمشاهد.
لا بد من الاعتراف أن عناصر فشل أو نجاح العمل الدرامي لم تعد (النص والإنتاج والإخراج والتمثيل..) فقط, وإنما تعدتها نحو عوامل أخرى قد لا يكون لها حيز كبير من الأهمية, إلا أنها تمتلك القدرة إما على ارباك العمل ككل أو المساهمة في نجاحه.
فؤاد مسعد
fouaadd@gmail.com

 

التاريخ: الأثنين 24 – 2 – 2020
رقم العدد : 17201

 

آخر الأخبار
د. رمضان لـ"الثورة": غياب العناية بالأسنان ينتهي بفقدانها تأمين الكهرباء إسعافياً للمناطق المتضررة في اللاذقية من الحرائق قريباً.. تأمين الكهرباء لريف حلب ضمن خطة شاملة لإعادة الإعمار تأهيل مدرسة عندان.. خطوة لإعادة الحياة التعليمية نحو احترافية تعيد الثقة للجمهور.. الإعلام السوري بين الواقع والتغيير خبير مصرفي لـ"الثورة": الاعتماد على مواردنا أفضل من الاستدانة بين المصالح والضغوط.. هل تحافظ الصين على حيادها في الحرب الروسية-الأوكرانية؟. مفوضية اللاجئين تتوقع عودة نحو 200 ألف سوري من الأردن بحلول نهاية 2025 السيف الدمشقي.. من فولاذ المعركة إلى برمجيات المعرفة إعادة دمج سوريا بمحيطها العربي مؤشر على تشكيل تحالفات جيوسياسية واعدة عبر البوابة البريطانية.. العلاقات السورية الأوروبية نحو انطلاقة جديدة امتحان الرياضيات لطلاب البكالوريا المهنية- المعلوماتية: بين رهبة المادة وأمل النجاح الخبيرمحي الدين لـ"الثورة": حركة استثمارية نوعية في عدة قطاعات الرئيس الشرع يتقلد من مفتي الجمهورية اللبنانية وسام دار الفتوى المذهَّب حرب إسرائيل وإيران بين الحقائق وإدعاءات الطرفين النصرالمطلق ألمانيا تدرس سحب الحماية لفئات محددة من اللاجئين السوريين "قطر الخيرية" و"أوتشا".. تعزيز التنسيق الإنساني والإنمائي في سوريا بعد 14 عاماً من القطيعة .. سوريا وبريطانيا نحو شراكة دبلوماسية وثيقة 10 مناطق لمكافحة اللاشمانيا بدير الزور الاقتصاد الدائري.. إعادة تدوير لموارد تم استهلاكها ونموذج بيئي فعال