يعالج ٨٠% من الأمراض الشائعة.. طب الأسرة.. اختصاص شامل يختصر الوقت والجهد.. وشركات التأمين تعامله كالطبيب العام
ربما لا يعي الكثيرون منا ماهية عمل طبيب الأسرة والفرق بينه وبين الطبيب العام. فطب الأسرة هو تخصص يؤهل الطبيب لعلاج معظم الحالات المرضية لدى عامة الناس ، أي الرعاية الصحية الأولية للفرد وأسرته ، إذ لا يعالج شخصا في الأسرة وإنما جميع أفرادها من ولادة الطفل إلى أكبر شخص في الأسرة «الجد أو الجدة»، بغض النظر عن جنسهم، وعمرهم، وطبيعة حالتهم المرضية، سواء أكانت سلوكية، أو نفسية، أو عضوية، بهدف تعزيز صحة العائلة، والوقاية من إصابتهم بالعديد من الأمراض، ما يحافظ على صحتهم، ويحمي المجتمع من الإصابة بالعديد من الأمراض.
الدكتورة لمياء محمد العلي الاختصاصية في طب الأسرة ,داخلية ، أطفال ، نسائية ، مراقبة وضبط أمراض مزمنة ،ارتفاع توتر شرياني ، داء سكري ربو ، أوضحت في لقاء معها أن طب الأسرة يغطي نحو ٨٠ إلى ٩٠ بالمئة من الأمراض، وإذا ما نظرنا الى أمراض الناس نجد أن غالبيتها شائعة وتبقى الـ١٠-٢٠%من الحالات تحول إلى أصحاب الاختصاصات الأخرى عند الحاجة إلى إدخال المشفى أو عملية جراحية ، أو لأن ثمة أمراضاً تحتاج رعاية خاصة كالأورام وسكري الأطفال وغيرها من الأمراض «عينية،عصبية،عظمية «.
وعن أهمية طب الأسرة ذكرت إنه يختصر علينا الوقت والجهد ويعطي نظرة شمولية للمرض،فحين يشعر شخص ما بألم في يده على سبيل المثال لا الحصر فقد يحتار من يراجع، طبيب العصبية أم العظمية؟ واذاماتوجه إلى عيادات طب الأسرة فيتم معالجته وتشخيص حالته بشكل صحيح ويتم توجيهه إلى الطبيب الاختصاصي الذي هو بحاجته.
اما الفرق بين طبيب الأسرة والطبيب العام فتوضح العلي أن الطبيب العام درس ٦ سنوات بالكلية فقط لا غير وعنده دراية بكل الأمراض لكنها ليست الدراية الكافيه بها ،على عكس طبيب الأسرة الذي لديه معرفة عملية من خلال تخصصه لأربع سنوات بعد دراسة الطب مثله مثل أي اختصاصي (اذنية ،عينية،أطفال وغيرها)، لكن ما يختلف هو المفهوم الخاطئ بالمجتمع حتى نحن سواء بعياداتنا أم بالمركز الصحي أم مشافينا هناك خلط بين طبيب الأسرة الذي يعالج من الطفل الصغير إلى المسن، وبين الطبيب العام.
لا نلوم الناس
وفي سؤال حول أن طب الأسرة شبه مغيب عن الثقافة العامة للمجتمع أشارت الدكتورة العلي إلى أن الملامة لا تقع على الناس في هذا الجانب لأنه مغيب حتى عن الزملاء الأطباء الآخرين، فأحيانا يقول أحدهم ان طبيب الأسرة مثله مثل الطبيب العام لا يميز بين الخصوصية في هذا المجال، موضحة انه عندما يغيب اي طبيب مختص( داخلية ،نسائية، أطفال.) في مراكز العيادات او المشفى فإن طبيب الأسرة يحل محله وهو قادر على معالجة وتشخيص اي مرض، فحتى هذه الفكرة غائبة عن أذهان بعض الأطباء وبالتالي لا يلام الناس العاديون هنا.
وفي سؤالنا من ان طب الأسرة يمثل حجر الأساس وخط الدفاع الأول في اي نظام صحي توضح الدكتورة العلي بأن هذا التوصيف صحيح لأن طبيب الأسرة يستطيع تسهيل عمل الجميع من ناحية العلاج والتشخيص، فحين يتوجه اي انسان إلى طبيب الهضمية على سبيل المثال لا الحصر ، فهو ينظر إلى هذا المريض من زاوية اختصاص الجهاز الهضمي، بينما طبيب الأسرة ينظر بشكل عام للمريض فهو لديه معلومات عن وضع القلب والدوران والجهاز البولي.
فأحيانا المرض لا يتعلق بجهاز واحد (فتشنج القولون العصبي هو تظاهرة لضغوط نفسية وأيضا القرحة المعدية) وهذه النظرة الشاملة إلى المشكلة التي يعاني منها المريض ويشعر بها ، يشخصها الطبيب بشكل صحيح ولكن تبقى نسبة العشرين بالمئة لطبيب الهضمية كمعرفة أعمق من طبيب الأسرة ببعض الأشياء التفصيلية وهذا شيء طبيعي من زاوية الاختصاص.
وبينت العلي أن طبيب الأسرة حين يعالج الطفل والحامل والمسن مع امراضهم المزمنة فإنه يختصر بذلك ٨٠ بالمئة من المرض مع توجيه المريض بشكل صحيح إلى الطبيب المختص ما يختصر عدداً من الاستشارات للزملاء الأطباء وكذلك الوقت، منوهةً بضرورة أن يكون هناك اضابير لكل مريض وأسرته من الطفل إلى الجد والجدة ما يفسح المجال لمعرفة امراضهم المزمنة وما تعانيه العائلة بغية تعزيز قدرة طبيب الأسرة على الإلمام بحالة هؤلاء أكثر من أي طبيب آخر،
وعن مراكز عيادات طب الأسرة ذكرت العلي انه يوجد ٧ مراكز في دمشق والمناطق الأخرى قبل الازمة ٢٠٠٧_٢٠٠٨ ففي مركز ابي ذر هناك ٤ عيادات لطب الأسرة ويعمل فيها حصرا طبيب الاسرة ،وكانت الفكرة ان يأتي الطفل منذ ولادته بحيث يراه طبيب الأسرة ومن خلال اضابير العائلة التي من خصوصيتها معرفة الظروف المعيشية للعائلة والشروط الصحية وبالتالي كان يجري العمل على هذا المشروع في أكثر من محافظة وان أطباء الأسرة كانوا يتجمعون في هذه المراكز حصرا دون سواها لكنه للأسف تغير كل شيء في ظروف الحرب العدوانية التي أثرت سلبا على كل المستويات وجعل البعض يغير مكان عمله او يسافر.
الصعوبات
وحول الصعوبات التي تواجه طبيب الأسرة تقول العلي ان إحدى مشاكلنا هي مع التأمين الصحي فبعد دخول شركات التأمين وتعاقد معظم الأطباء معهم،فثمة معضلة قائمة من ناحية أن بعض أصحاب الشركات ذكر انه لا يريد طبيب أسرة( بمعنى انتم تستطيعون أن تكتبوا الأدوية الداخلية والنسائية)، واذا ما نظرنا للقانون يجب أن يوافقوا على صيغة تعاقدنا مع شركات التأمين كما كان في المرحلة الأولى مثلنا مثل الاختصاصي بأي مجال طبي رغم أن المعاينة تفرضها نقابة الاطباء ،وتسعيرة النقابة مازالت على حالها قديمة ،إلا أنه منذ حوالي ثلاثة أعوام أعادت شركات التأمين إلى طبيب الأسرة المعاينة كطبيب عام وهذا لاشك خطأ وقعت فيه شركة التأمين المعنية. وتوضح العلي انه اذا جاء مريض التأمين فأنا كتسعيرة نقابة حصتي منها كاختصاصية لأكثر من عشر سنوات هي ١٥٠٠ ليرة وبالتالي فإن المريض الذي يأتي على البطاقة وتوافق عليه شركة التأمين بعد الحسميات التي تأخذها الشركة ونقابات الأطباء أصبحت حصتي مبلغ ٤٠٥ ليرات وبالتالي فأنا كاختصاص أصبحت الوحيد المظلوم في هذا التعويض بغض النظر عن المريض الذي يدفع عشرة بالمئة، وهذا ما دفع العديد من أطباء الأسرة إلى الاحجام عن التعامل مع شركات التأمين علما أن الموظف ليس له علاقة في هذا الأمر ..كما بينت أن معاينة أطباء الأسرة حاليا مع شركات التأمين سبعمئة ليرة سورية يصل للطبيب ٤٠٥ ليرات وهو مبلغ غير منطقي طبعا، في حين معاينة الطبيب في اي اختصاص آخر ١٥٠٠ ليرة يأخد منها الاختصاصي ١٢٠٠، والسؤال هنا لطالما طبيب الأسرة هو طبيب اختصاصي خضع لاختصاص السنوات الأربع بعد سنوات كلية الطب مثله مثل أي طبيب اختصاصي فلماذا يعامل معاملة طبيب عام ؟ وذكرت العلي أن مشكلة التأمين هذه يبدو أنها صعبة الحل،مع ملاحظة أن معاينة الشركات الأخرى بتأمين القطاع الخاص هي أفضل إلى حد ما بالنسبة لأطباء الأسرة ،
وفيما يتعلق بموضوع التفرغ وان كان يحل جزءاً من معاناة الأسرة ذكرت الدكتورة العلي انه قبل سنوات من الأزمة كان هناك اقتراح لتفريغ طبيب الأسرة بحيث لا يفتح عيادة ،وإنما يعمل بمركز صحي مقابل أجر ١٠٠% او ٢٠٠ % على الراتب، لطالما أنها هذا الطبيب أو الطبيبة قادران على معالجة ورعاية أكثر من اختصاص يحتاج لوجود أكثر من طبيب، بمعنى يمكن لطبيب الأسرة أن يحل محل عدة أطباء ،وهذا الاقتراح جيد لو تم تطبيقه برأي العلي لأن قانون التفرغ هو لصالح الجميع ، الطبيب والمريض على السواء ،فعندما يكون دخل الطبيب جيدا فلم يعد هناك مشكلة من ناحية الدوام الطويل، ويعطي الطبيب أكثر، وبالمقابل هناك خطوة إيجابية لإعطاء الفرصة لزميل آخر بوظائف الدولة على اختلافها،و هذا الاقتراح لم يكتب له النجاح فلا ندري اين هي العثرة هل هي نقابة الاطباء؟ أم عند مجموعة من الأطباء؟.
وأخيرا يذكر أن رابطة طب الأسرة كانت موجودة سابقا إلا أن ظروف الحرب العدوانية على بلدنا أدت إلى تجميد نشاطها ،لكنها أقلعت منذ عامين حيث تشكلت رابطة جديدة لطب الأسرة وعقدت مؤتمرها التأسيسي الأول في محافظة طرطوس ماجعل الرابطة تقفز إلى الواجهة من جديد بدعم وعناية ورعاية من رئيسها المنتخب الدكتور وسام ماوردي مدير مشفى أباظة في القنيطرة ..والذي قدم وعمل بكل جد وفق ما أكدته الدكتورة لمياء العلي مالم يقدم للرابطة منذ خمسة عشر عاما.
غصون سليمان
التاريخ: الخميس 5-3-2020
الرقم: 17209