بعد القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء والمتضمن تعليق الزيارات والرحلات احترازياً مع دول الجوار(العراق والأردن) وخطة إعلامية متكاملة للتوعية وطرق الوقاية من فيروس كورونا لابد من التذكير والتأكيد هنا أن مسؤولية الوقاية هي مشتركة بين المواطن ومؤسسات الدولة، ولعلنا نستذكر هنا أننا منذ الصغر ونحن نسمع المثل المشهور ( الوقاية خير من العلاج) و (درهم وقاية خير من قنطار علاج) هذا على صعيد الأمثال الشعبية، أما على الصعيد الطبي، فالوقاية يقصد بها أي نشاط يؤدي إلى التقليل والحد من انتشار وباء معين.
وتأتي أهمية أي نشاط وقائي من إدراكنا لمدى خطورة الأوبئة على المجتمعات، حيث تشير بعض الإحصائيات إلى أن البشرية لطالما كانت ضحية للأوبئة التي جعلت عددها محدوداً نتيجة الأوبئة التي انتشرت في مناطق متفرقة من العالم، ففي العام 1860 تفشى مرض الطاعون في كل من الهند والصين ليحصد ما يقارب من 12 مليون إنسان، وفي العام 2009 حصد وباء إنفلونزا الخنازير ما يقارب 575 ألف إنسان في العالم وخلال الفترة من 2014 إلى 2016 حصد وباء إيبولا ما يقارب 11300 إنسان في غرب إفريقيا.
ولذلك الضرورات تتطلب في زمن الأوبئة اتخاذ الاحتياطات المناسبة بدءا من الوقاية الطبية مرورا بالتقيد والتجاوب مع إجراءات وتعليمات المؤسسات المعنية وصولا إلى تجنب أي شيء يمكن أن يسهم في نقل أو انتشار أي وباء.
لعل أحد الأمثلة التي نراها هنا قد يثير الجدل لكنه يعتبر من المظاهر التي تؤذي الجميع في زمن الأوبئة، والمثال يتعلق
بالتقبيل أو المصافحة، حيث ارتبطت عادة التقبيل لدينا بتبادل التحية، فأصبحت طقساً لا يغيب بمناسبة ودون مناسبة، وصارت جزءاً من ثقافتنا رغم أن التأمل فيها حتى قبل الكورونا سيصل بنا إلى حقيقة أضرارها الصحية التي لا تعد ولا تحصى لكننا نتجاهل ذلك خجلاً وتحسباً من اعتقاد من لا نصافحه بعدم المحبة وأحياناً الاتهام بالاستعلاء عليه.
إن التعامل مع أي واقع جديد يفترض أن تواكبه ثقافة هذا الواقع، ولعل الثقافة الجديدة تتطلب منا مواجهة الواقع على حقيقته والخروج من الخفاء إلى العلن في ممارستنا هذه الثقافة، الوقائية بدلاً من بعض العادات التي تصبح أحياناً مؤذية ونستمر بها رغم أننا نعرف أنها مؤذية .
يونس خلف
التاريخ: الثلاثاء 10 – 3 – 2020
رقم العدد : 17213