طوفان الإعلام وتيه المعلومة

 

ليس لعاقل أن يتغافل عن حقيقة الثورة الإعلامية التي أحدثتها البشرية عبر تطوير الاتصالات .. لقد فاقت كل خيال و تجاوزت كل تصور .. و رسمت واقعاً أصبحت فيه السيطرة على الإعلام أهم أنواع السيطرة ..
الإعلام و المال والقوة المسلحة .. هي أدوات السيطرة المعاصرة .. و بالتالي هي التي ترسم طريق النصر في أي معركة.
لكن المعركة التي سأدور في رحاها حول الاعلام، محصورة بالوصول إلى المعلومة الحقيقية لمن يرغب بها و يحتاجها .. أليس من الضروري أن الانسان الذي يعيش على شواطئ محيط الإعلام هذا .. و يسبح فيه .. أصبح لديه المقدرة للوصول للحقيقة بأبسط و أيسر الطرق .. ؟!
هو كذلك، بل إن وسائل الإعلام المعاصرة و محتوياتها تكاد تقترح على الانسان الاستغناء عن ذاكرته و محفوظاته و دراسته و جهوده في هذا الإطار .. فكل شيء جاهز أن يقدم له بلمسة .. ولا داعي للجمع و اللم و الحفظ .. و بالتالي .. البحث عن الحقيقة .. !!
لكن إن نوى معرفة الحقيقة و الوصول إلى المعلومة الدقيقة .. فهو فعلاً على طريق المتاهة !! ليس من قلة المعلومات و الفقر بها .. بل من كثرتها .. و الضلالة فيها .. كل يخبر على كيفه .. فرداً كان أو مؤسسة أو موقعاً .. و لا حرج .. إن كنت لا تصدقنا فاذهب لغيرنا ..و هات من يحاسبنا .. !!
الأخطر من ذلك أن هذا الطوفان الإعلامي المتسيب .. يظهر أي نشاط إعلامي يسعى لتقديم المعلومة الدقيقة و الحقيقة الموضوعية ..في حالة من الفقر المدقع و المريب .. و يخلق للنشاط الإعلامي المحترف الباحث عن الحقيقة كل موجبات و مبررات الكسل .. فماذا تقدم أيها الزميل الغالي لمتلقيك وسط هذا البحر اللجب و الطوفان المرعب ..
بتقديري أن المهمة ما زالت معقدة و تحتاج لكبير الجهد .. فلا يبرر إعلامي واحد غيبوبته بأنه لم يبق لأحد ما يفعله ..
كنا نواجه قلة المعلومات إلى درجة الانعدام .. و اليوم نواجه طوفان المعلومات لدرجة المتاهة..!!
فما العمل .. ؟؟
هو يومنا .. هو دورنا .. و القضية تحتاج الصدق و الجهد و طول الصبر، ففي النهاية لن يصح إلا الصحيح .. ؟!
غداً .. إذ تسأل قائلاً يروي : من أين جئت بمعلوماتك .. لن يكون له أن يجيب: من الفيسبوك ..!! سيجد نفسه مضطراً لأن يحدد .. و سيكون في وسط محيط الإعلام، بحاره المختلطة ثمة علامات و أشرعة تشير إلى دقة الابحار و حقيقة المعلومة و موضوعيتها ..
ذلك يعني أن على الفرسان الذين افترشوا سجادة كم المعلومات الهائل التي تغنيهم عن العمل أن يعلموا جيداً أن الجهد الكبير ما زال ضرورياً .. ليس لتأمين التغذية المستمرة لقنوات الإعلام و حسب .. بل لتكون هذه التغذية بعيدة عن السموم ..
غداً سيبدأ الفرز .. لكن و بكل أسف قد لا تنتصر الحقيقة الموضوعية في تيه المعلومات .. إنما ستجد لها مواقع يقصدها إليها الباحثون عنها ..
أسعد عبود

as.abboud@gmail.com

 

التاريخ: الخميس 12 – 3 – 2020
رقم العدد : 17215

 

آخر الأخبار
صيانة 300 مقعد دراسي في مدرسة المتفوقين بحمص معالجة التعديات على عقارات المهجرين.. حلب تُفعّل لجنة "الغصب البيّن" لجنة فنية تكشف على مستودعات بترول حماة الشمس اليوم ولاحقاً الرياح.. الطاقات المستدامة والنظيفة في دائرة الاستثمار صياغة جديدة لقانون جديد للخدمة المدنية ..  خطوة مهمة  لإصلاح وظيفي جذري أكثر شفافية "الشباب السوري ومستقبل العمل".. حوار تفاعلي في جامعة اللاذقية مناقشات الجهاز المركزي مع البنك الدولي.. اعتماد أدوات التدقيق الرقمي وتقييم SAI-PMF هكذا تُدار الامتحانات.. تصحيح موحّد.. وعدالة مضمونة حلاق لـ "الثورة": سلالم التصحيح ضمانة للعدالة التعليمية وجودة التقييم "أطباء بلا حدود" تبحث الواقع الصحي في درعا نهضة جديدة..إقبال على مقاسم صناعية بالشيخ نجار وزير الخارجية اللبناني: رفع العقوبات عن سوريا يساعدها بتسريع الإعمار ترميم قلعة حلب وحفظ تاريخها العريق محافظ درعا يتفقد امتحانات المعهد الفندقي "الطوارئ والكوارث": أكثر من 1500 حريق و50 فريق إطفاء على خطوط المواجهة دول الخليج تتوحد في تقديم المساعدة والاستثمار في سوريا واشنطن تتحدث عن السلام.. هل يلتزم الاحتلال الإسرائيلي بوقف اعتداءاته؟ سوريا تطلق إصلاحات السوق لجذب المزيد من الاستثمارات وتحفيز إعادة الإعمار نقابة المهندسين الأردنيين: إعمار سوريا استحقاق يتطلب تضافر الجهود عربياً ودولياً بين الحصار والانفراج.. هل تفتح المصارف السورية أبواب العالم؟