أكوام النفايات في جرمـانا… المواطنون لايتقيدون بأوقات رميها والبلدية تحمّل المتعهدين المسؤولية !… البلدية : رصدنا نحو 800 مليون ليرة لترحيلها .. ووعود بمحطة جديدة
مشكلة النفايات في جرمانا بريف دمشق مشكلة قديمة – حديثة.
ومع التعهدات التي يطلقها المعنيون ببذل كل الجهود للحفاظ على بيئة صحية ونظيفة، إلا أن الحلول إسعافية وليست جذرية، فهذه المدينة التي تضاعف عدد سكانها كثيراً، مازالت تعاني من هذه المشكلة فمتى تنظرالجهات المعنية بعين الجديّة لواقعها الخدمي، وألا تعاملها وكأنه لم يطرأ عليها أي تغييرات، ناتجة عن الازدياد في تعدادها السكاني من هنا لابد من إعادة النظر برفدها بإمكانات إضافية، فالإمدادات التي كانت تقدّم، باتت اليوم لاتحقق الجزء اليسير، ومع أن المحافظة تساندها في العديد من الخدمات ومنها ترحيل «أطنان» القمامة، بإجراءات إسعافية، إلا أن هذا لم يعد مجدياً في ظل تراكمها، فالحلول الإسعافية آنية وزائلة، ولا يلبث أن يعود الوضع كما كان عليه.
حتى في الساحات وأمام المدارس
«الثورة» وعبر جولة على عدد من الشوارع والأحياء في المدينة رصدت واقع الحال الذي لا ينسجم مع الوعود والتعهدات المعلنة، حيث أكد أبو وهاب أحد أبناء حي البعث أن معظم الأحياء تتراكم فيها القمامة، وأمام المدارس، وفي الساحات العامة، وعند كل زاوية ومفرق، وبجانب كل حاوية وحولها، لتمتد أحياناً عدة أمتار في كل اتجاه، متسائلا: هل تقوم البلدية بتحمل مسؤولياتها والمبادرة لاتخاذ إجراءات لمعالجة هذه المشكلة الملحة؟؟
أبو شادي صاحب محل في الحي لفت إلى أن تكرار مشاهد تراكم القمامة يرسم واقعاً يمهّد لانتشار الأوبئة والأمراض، لما له من تأثيرات سلبية وخطيرة على صحة الإنسان، ناهيك عن التلوث البصري وتشويه المنظر الجمالي العام، حيث تحولت في بعض المناطق إلى ما يشبه السيول الجارفة، معرقلة لحركة المرور والعبور، والأمر بات يستدعي العمل على الحد من انتشارها، كما يستوجب مضاعفة الجهود وتطبيق مبدأ ربط الأقوال بالأفعال لينعم واقعنا ببيئة آمنة ونظيفة.
أبو نورس الصالح رجل سبعيني، أشار إلى أنه منذ سنوات تتعاقب مشاهد تراكم النفايات بشكل مزر بين الأبنية وأمام المحال، كما أنّ نباشي القمامة يعملون على نشرها للاستفادة من بعض المخلّفات، تاركين النفايات تأخذ حيزاً أكبر لتتسع في المكان نفسه، في ظل تقصير أو تقاعس المعنيين، وعرج قائلاً: تتفاقم معاناة المواطنين أكثر في فصل الصيف، إذ إنهم لا يستطيعون فتح نوافذهم أو اللجوء إلى الشرفات، نتيجة الروائح والمناظر التي تؤذي البصر.
لايتقيدون بأوقات رميها
شيراز من قاطني حي القريات، ذكرت أنه يتم العمل على ترحيل القمامة، إلا أن المقيمين في الحي لا يتقيدون بأوقات رميها، ما يجعل الواقع يبدو وكأنه على حاله، إذ تتواجد النفايات على مدار اليوم، من هنا لابد من تعزيز ثقافة المواطن بالحفاظ على النظافة، والالتزام ببعض الإجراءات التي من شأنها تحسّين واقع الأحياء وجماليتها.
محال للألبسة على الشارع العام بجانب مدرسة أدهم عز الدين، يتساءل أصحابها عن سبب تغاضي المعنيين في البلدية عن محاسبة مخترقي القانون الذين يرمون القمامة في أي وقت، ما يسبب تواجدها طوال الوقت، وكأن هناك خططاً واهية بعيدة عن أي برامج لمتابعة ما يجب فعله، بالتزامن مع استمرار الصمت التنفيذي على تردي الواقع الخدمي، وهذا يترك لغزاً محيّراً يصعب فك شيفرته من قبل المواطن، لأن الوقائع مغايرة للتصريحات المعلنة، والواقع يتحدث عن نفسه؟!!.
وأكدوا أن الحديث بهذا الشأن بات غير مجد أمام الواقع الخدمي والنظافة السيّئين، في ظل ما نتلقفه من مسكّنات ينثرها المعنيون علّها تهدئ من روعنا، وسنترك ذلك في عهدة وزارة الإدارة المحلية والبيئة اولاً، ومحافظة ريف دمشق ومجلس مدينة جرمانا ثانياً.
تقسيم المدينة إلى قطاعات
بعد استطلاع آراء كثيرة لمواطنين في جرمانا حول هذا الواقع، أكد رئيس بلديتها عمر سعد أن مشكلة النظافة نتيجة الكثافة الكبيرة للسكان، حيث يصل العدد إلى ما يقارب 2,5 مليون نسمة، وعزا وجود أكداس القمامة في بعض الشوارع، إلى قلة المتعهدين، إضافة إلى آلية التعاقد، مشيراً إلى أن البلدية لجأت كحل إسعافي إلى اختيار مكان وتحويله كمكب مؤقت، وبذلك تستطيع آليات البلدية والمتعهدون نقل القمامة إليه، على أن تقوم آليات المحافظة بنقل القمامة إلى المكب الرئيسي.
وتطرق إلى أنه منذ شهرين بدأنا نلحظ تحسناً، حيث تم تقسيم المدينة إلى قطاعات، منها ما هو على عاتق البلدية، ومنها مع القطاع الخاص، الذي كان يتعاقد مع البلدية وفي منتصف الفترة المتفق عليها ينسحب جراء عدة عراقيل حسبما يذكر البعض من المنضوين فيه، موضحاً أن سبب المشكلة سابقاً كانت في عدم الترحيل اليومي، وهذا سبب هاجساً أمام المجلس، مبيناً أن المدينة لها خصوصية من حيث التخديم على المستويات كافة بسبب تشابك المشاكل ابتداءً من الكثافة السكانية مروراً بالمخالفات الزراعية، وليس انتهاءً بالضغط على الخدمات، وهذا خلق حالة استثنائية وعلى رأسها النظافة، لذا لابد من تعاون كل الجهات التنفيذية والوصائية والمواطنين، إضافة لتقديم الدعم بغية تحقيق الخدمة التي نطمح لها.
كما أوضح أن هناك وعوداً بإحداث محطة ترحيل، لأن آليات البلدية التي تذهب80 كم ذهاباً وإياباً لا يمكنها أن ترحّل القمامة أكثر من مرة في اليوم، ناهيك عن أن قدم الآليات لا يسمح لها بالسفر اليومي، لذا كان لابد من البحث عن حلول تفي بالغرض وتحقق الغاية المرجوة، فتم وضع محطة ترحيل في منطقة الدخانية، وهذا ساهم بتحسن واقع النظافة عما كان عليه، لكن حالياً ظهر نوع من الترهل ناتج عن التزام البلدية بعدة مشاريع للصرف الصحي، إضافة إلى ذلك فإن تغيّب بعض المتعهدين خلال الفترات الماضية انعكس سلباً على آلية العمل، علماً أنه تم رصد 793 مليون ليرة من الموازنة المستقلة من وزارة الإدارة المحلية والبيئة، ويتم صرفها عبر كشوف للقطاع الخاص (شركة البجعة) المعنية بالأمر، والتي تم توقيع العقد معها منذ شهر تشرين الأول الماضي.
عدد عمال النظافة غير كافٍ
كذلك لفت سعد إلى أن البلدية ليس لديها كادر عمالي كافٍ لتنفيذ المهام، ومع الإعلان عن عقود للتوظيف، إلا أن هذا باء بالفشل، ولم يتقدم أحد، لذلك تم إشراك المجتمع المحلي، والتعاون مع المنظمات، وبناء على ذلك دخلت جمعية مارافرام، عن طريق محافظة ريف دمشق، حيث تم إبرام عقد معها، كما تم زيادة عدد العمال، الأمر الذي يساعد على الدخول إلى الأحياء، وعملت البلدية على استئجار عدد من الآليات إلا أنها غير قادرة على الاستمرار بذلك، ناهيك عن أن المنظمات لا تستمر بالدعم، مضيفاً أن هناك مساعٍي لأن تصبح جرمانا كلها قطاعات نظافة وتتعاقد البلدية مع متعهدين وهذا يعد جزءاً من الحل النهائي، لكن كل ذلك لا يتم إلا بالتوازي مع إشراك المجتمع المحلي، ليتحمل المسؤولية مع المجلس، فالمجتمع لا يزال يتوانى عن ذلك، والحالة التنفيذية تستدعي تشكيل فرق مشتركة من عدة جهات لتغطية وتحسّن واقع النظافة.
– ختاماً لابد من اتخاذ الإجراءات الملائمة، مع تدخل الجهات المعنية التي تصب في خانة التوعية البيئية للمواطن للحفاظ على بيئته، وإيجاد حل لتلال القمامة المتراكمة في الساحات وفي كل زاوية وركن من المدينة.
تحقيق : لينا شلهوب
التاريخ: الخميس 19 – 3 – 2020
رقم العدد : 17220