حمص – رفاه الدروبي- ثورة أون لاين:
صدر كتابان للكاتب والملحن والمخرج المسرحي السوري محمد بري العواني الأول عنونه “أبو خليل القباني 1842 – 1902 ريادة التجاوز” عن منشورات الهيئة العربية للمسرح، الكتاب حمل تسلسل (دراسات 65) ووقع في 366 صفحة، حوى بين دفتيه مدخلاً وثلاثة أبواب وخاتمة واحتوى الباب الأول والثالث ثلاثة فصول، والباب الثاني على فصلين وتضمن النشأة والإبداع سيرة موقف القباني وبيبليوغرافية مسرح القباني وتحليل العروض المسرحية مستعرضاً الكاتب الينابيع الإبداعية ومصادر مسرحيات القباني مقدماً دراسة نقدية عن البناء الفني والنصي الموسيقي والغنائي وعناصره في مسرحه وعناصر النص الغنائية.
وخطت أنامل الباحث محمد بري العواني في مدخل الكتاب الأول حيث قال: يحتل القباني في ذاكرة المسرح العربي مكان الريادة، رغم أنَّ هناك من سبقه إلى إقامة مسرح، وتقديم مسرحيات عُرضت أمام الجمهور، لكنه جمهور خاصٌ في أعمه الأغلب غير أن ما أنجزه القباني يختلف عما سلف، في كونه قدم مسرحياته أمام جمهور من عامة الناس كانوا مولعين بعروض “خيال الظل” وفنون الفرجة الشعبية الأخرى ما يعني أنَّ “أبا خليل” قد أنجز مسرحاً محترفاً بكل ما تحمله – أو توحي به – الجملة من معنى، رغم أنَّ فناني “خيال الظل” كانوا يمارسون أعمالاً أخرى، ولم يكن مسرحهم، سوى تزجية للوقت وقتل الفراغ، والإضحاك المجاني من خلال الكلمة البذيئة، والحركة المبتذلة المعبأة بالألفاظ الجنسية في الأعم الأغلب، لأن جو المقهى الشعبي مكان العرض الطبيعي لخيال الظل يفرض خصوصيته باعتباره مكاناً للقاصي والداني، والمقيم والراحل، والعابر من الناس، وسط تلبية طلبات ورغبات السامرين.
متابعاً في مقدمته بأن القباني قد أنجز عرضه المسرحي الاحترافي في مكان مختلف جذرياً عن أجواء المقاهي وروادها، وإن لحق به عدد غير قليل من جمهور خيال الظل فيما بعد وقد ميزوا بين المكانيْن والفنيْن واستشعروا فروقاً فنية وجمالية جديدة وباهرة كالحكاية المحبوكة والرقص والغناء والتمثيل الحي المباشر والديكورات والأزياء والماكياج، والشعر والموشح والقدود والزجل واللغة الفصحى وغير ذلك وأسرتهم تلك الفنون جميعاً، كما ميزوا بعض الأهداف الأخلاقية والاجتماعية والإنسانية من خلال اختلاف الموضوعات والمضامين، حتى باتوا يجمعون ثمن البطاقة الخاصة بالدخول لمشاهدة العرض المسرحي في حينه.
أما الكتاب الثاني فصدر تحت عنوان” المسرح العربي الغنائي – أرزة لبنان.. مسرحيات مارون النقاش” وهو من قام بتحقيقه وشرحه ودراسته وضم بين دفتيه 432 صفحة من القطع المتوسط عن منشورات الهيئة العربية للمسرح، ضمن سلسلة دراسات تحت رقم (74)، إذا كان كتاب “أرزة لبنان” الذي ألفه العالم والأديب المرحوم مارون النقاش (1817 – 1855) يحتوي على ثلاث مسرحيات كوميدية “البخيل وأبو حسن المغفل أو هارون الرشيد والسليط الحسود”، فإن كتاب “المسرح العربي الغنائي وأرزة لبنان مسرحيات مارون النقاش” يضم إضافة إلى مسرحيات النقاش الكوميدية الثلاث، مقدمة شاملة، ودراسة للكاتب والملحن ويعد بمثابة مدخل إلى مسرحيات مارون النقاش.
كما يضم الكتاب مقدمات أرزة لبنان والتي كتبها نيقولا نقاش (أخ مارون)، ناهيك عن التحقيق والشرح.. إضافة إلى ملاحق تشمل ملحقاً أول بألحانه المستخدمة في مسرحيات مدرجاً المحقق جميع ألحان مارون نقاش الثلاثة ناقلاً جداوله مع المحافظة على نفس الترقيم والتنسيق المعتمد من نقولا لمتن الشروحات كما وردت، أملاً في أن تفيد الباحث الموسيقي من يريد أن يكتشف أسلوب العرض المسرحي الموسيقي كما أنجزه النقاش على خشبة المسرح وقتها مستعرضاً الباحث العواني في الملحق الثاني نصوص الموشحات الواردة في المسرحيات مرفقة بشرح الكلمات وتصحيح البعض الآخر في الحواشي، وأتبعها بلائحة بالمصادر والمراجع.
بينما تتضمن مقدمة الكتاب بقلم المسرحي العواني بأنه قد مرَّ على صدور كتاب “أرزة لبنان” 150 سنة في طبعته الأولى عام 1860م في المطبعة العمومية في بيروت.
كما مضى 57 عاماً على طبعة الدكتور محمد يوسف نجم عن دار الثقافة في بيروت عام 1961م ما يعني أن الطبعتين قد صارتا في طي النسيان، بل إن ما قام به الدكتور نجم ليس تحقيقاً بالمعنى العلمي، تماماً كما فعل حين نشر مسرحيات أبي خليل القباني شارحاً بعض الألفاظ وحسب.
بينما يرى الباحث العواني في مقدمته أنَّ تاريخ المسرح العربي في حاجة إلى الإحاطة ببداياته وقراءة نصوصه محققة ومصححة من أخطاء الطباعة الأولى، ومن ثم تخريج أشعارها وموشحاتها وألحانها، وضبط الكثير من الألفاظ العامية السورية فكان من الضروري العودة إلى النصوص لضبطها وتحقيقها وإخراجها في حلة جديدة، وتقديمها للقارئ العربي خالية من الشوائب مع كشف مصادر ومراجع وثقافة مؤلفيها وابتكاراتهم الفنية، ما سيساعدنا على تفهم حقيقة ما وصلت إليه الكتابة المسرحية العربية فيما بعد على أيدي كبار كتابها في القرن العشرين.
خاتماً مقدمته بأن الأهمية الفائقة لإعادة نشر مسرحيات مارون نقاش تكمن في إحياء ريادته البكر وإفساح الطريق لمن تلاه للمضي قدماً في طريق التنوير النهضوي منتصف القرن 19، بغض النظر عن موقفنا الآن من النصوص كقيمة فنية وأدبية.
لتصلكم صورنا وأخبارنا بسرعة وسهولة انضموا لقناتنا على تيليغرام
https://t.me/thawraonlin