عندما يحاكم الروائي المؤرخ ويعري زيف الواقع

فاتن أحمد دعبول- ثورة أون لاين:

في رواية “عزلة الحلزون”
في جلسته التي حملت عنوان: “عزلة الحلزون لخليل صويلح.. عندما يحاكم الروائي المؤرخ ويعري زيف الواقع “أقام فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب في مقره بدمشق، أدار الجلسة د. محمد الحوراني رئيس الفرع.
سردية مغايرة عن الحرب

يقول نذير جعفر: تبدو رواية عزلة الحلزون واحدة من الروايات القليلة من بين المئات التي كتبت وتكتب عن الحرب الدائرة في سورية، ولا تكتفي برصد مظاهر الدمار العمراني وضحايا القصف والتفجيرات والقذائف متعددة الجهات، وما جرته من ويلات، إنما توغل في العمق متلمسة الدوافع الخفية لنزعة القتل والتوحش والثأر الكامنة في سلالة طويلة من الأسلاف الذين أورثوها لأحفادهم، كاشفة عن أشكال من تزوير التاريخ وتزييف وقائعه والاعتداء على أمهات الكتب والمخطوطات عبر الحذف والإضافة بما يتناسب مع سياسة المنتصر الأقوى، أو مع متطلبات الناشر ومواقفه ورؤيته الشخصية الضيقة ومصالحه.
وفي هذا السياق يطرح الراوي إشكالية اللغة بوصفها تضليلاً وفخاً لتسويق منظومة” الإطراء والتفخيم والتعظيم” لمن لا يستحقها، وإقصاء من يستحقها سواء أكان من ذوي الشأن في الحكم أو القبيلة أو العشيرة أو الطائفة، أو من المفكرين والفلاسفة والمؤلفين، ما يرسخ الاعتقاد لدى الراوي بأن التاريخ الرسمي ليس سوى حزمة افتراضات إن لم يكن سلسلة أكاذيب أو وقائع حدثت بالفعل.
البحث في هويات مشوشة

وفي مداخلته يبين سامر إسماعيل أن خليل صويلح في روايته الجديدة “عزلة الحلزون” لا يذهب إلى نبش قبور الأسلاف بالقدر الذي يبحث في هويات مشوشة تتخللها مستويات عدة من السرد، الأول يختص بشخصية “ميخائيل جبران” اسم مستعار للذي يعمل مدققاً لغوياً في دار نشر وموقع إلكتروني، فتحيلنا المخطوطات التي يقوم بتنقيحها إلى مستوى آخر يختص بمقص الرقابة الذي يطلب من جبران حذف مقاطع منها، أو القيام بإعدادها كما تجري العادة لتتوافق مع ذهنية الرقيب وسياسته.
سيرة الأسلاف هنا تأتي تاريخ رواة لا تاريخ نظر وتدقيق وعلم بالأسباب، لتعمل الحبكة الروائية على إعادة تجميعها والتنقيب في مفارقاتها الصادمة، بعيداً عن قيم الاعتزاز والمكابرة، بل في السعي إلى إخضاعها لمونتاجية وثقائقية عالية.

رحلة بدوية شائكة

وتقول مروة ملحم” روائية” تساءلت في بداية الرواية عن سبب هروب الكاتب إلى الرحلة البدوية المركبة والشائكة التي اضطرتني إلى إعادة القراءة عدة مرات، هذه اللعنة مدت أمامي سؤال الهوية الذي لا ينفك يظهر كلما فتحنا باباً من أبواب يوميات ما بعد الحرب، هل كان أجدادنا أبطالاً أم قطاع طرق، وهل ورثنا قلوب الطيور أم قلوب الذئاب، وما رأيته هو الاغتراب الذي حاول الهلاليون سد فجوته.
ولا أعتقد أن هناك وصفاً يطابق المثقف السوري اليوم أكثر من وصف الحلزون، في الرواية يعيش البطل حياته الحلزونية الدبقة بين الكتب المهترئة محاولاً مصادقة التاريخ لوضعه في وجه الحاضر، فيستطيعان تبيان تضادهما وفكفكة عقد الواحد الآخر، لكن بلاغة الماضي تستمر في إقحام الحاضر الغارق في الركاكة التعبيرية والأكاذيب والشخصيات المزورة.
مجتمع متناقض
وتتساءل إيمان موصللي في مداخلتها: وهل لميخائيل جبران بطل الرواية المثقف الحلزون في علاقاته مع المرأة يبحث عن الحب الضائع أم عن الهوية الضائعة؟ وهل الحب يعيش أيضاً في عزلة أم هو الهوية المفقودة التي يبحث عنها ميخائيل؟
وظف الكاتب صويلح في روايته تقنية الفلاش باك في معظم فصول روايته، وما تحمله الحكاية في مجتمع متناقض مع نفسه ومتقوقع على نفسه، وذلك من خلال سرد تاريخ أسرة الهلالي وما فيها من حقائق وهمية ومناقب خيالية وأبطال لا وجود لبطولاتهم، ميخائيل المسجون في قفصه الزجاجي بين الموقع الذي يعمل فيه وبين الكتب التي يلتهمها في دار النشر وينقحها، وأحياناً يزوره مؤلفوها، ويكلمونه كابن الجوزي وابن رشد والكثير.

لغة سردية جزلة

ورأت سمر تغلبي في مداخلتها أن “عزلة الحلزون” عنوان مثير لرواية إشكالية أخذ كاتبها على عاتقه المغايرة في الأسلوب والمضمون والغاية وحتى في اللغة.. بين الماضي والحاضر كان هناك الكثير من المفارقات والكثير من الصراع الداخلي الذي كان يحياه الراوي وكان يتنقل بين زمنين مختلفين ومكانين مختلفين مع أن عمله فيهما واحد “التدقيق اللغوي”.
هذا العمل الذي يتيح له قراءة الكثير من المواد المعدة للنشر في كلا العملين، والرواية كتبت بلغة سردية جزلة واضحة دون الإبحار في الصور واللغة الشعرية، وهذا ربما يتناسب مع القضايا الجريئة التي يتعامل معها الكاتب بمباشرة ووضوح، لكنها تفتقد إلى الخط الروائي الذي يمسك بتلابيب القارىء بسبب القفزات الكثيرة بين الأزمنة المختلفة والأمكنة المتنوعة بشكل يضيع معه القارىء، فلا يعيش جو الرواية إلا بعد أن يتجاوز حوالى نصفها قراءة.

 

لتصلكم صورنا وأخبارنا بسرعة وسهولة انضموا لقناتنا على تيليغرام

https://t.me/thawraonlin

home

 

آخر الأخبار
الشعار يبحث تحديات غرفة تجارة وصناعة إدلب شراكة لا إدارة تقليدية.. "الإسكان العسكرية" تتغير! حمص.. 166 عملية في مستشفى العيون الجراحي أسواق حلب.. معاناة نتيجة الظروف المعيشية الصعبة مهارات التواصل.. بين التعلم والأخلاق "تربية حلب": 42 ألف طالب وطالبة في انطلاق تصفيات "تحدي القراءة العربية" درعا.. رؤى فنية لتحسين البنية التحتية للكهرباء طرطوس.. الاطلاع على واقع مياه الشرب بمدينة بانياس وريفها "الصحة": دعم الولادات الطبيعية والحد من العمليات القيصرية المستشار الألماني الجديد يحذر ترامب من التدخل في سياسة بلاده الشرع: لقاءات باريس إيجابية وتميزت برغبة صادقة في تعزيز التعاون فريق "ملهم".. يزرعون الخير ليثمر محبة وفرحاً.. أبو شعر لـ"الثورة": نعمل بصمت والهدف تضميد الجراح وإح... "الصليب الأحمر": ملتزمون بمواصلة الدعم الإنساني ‏في ‏سوريا ‏ "جامعتنا أجمل" .. حملة نظافة في تجمع كليات درعا سيئول وواشنطن وطوكيو تتفق على الرد بحزم على استفزازات بيونغ يانغ تنفيذي الصحفيين يجتمع مع فرع اللاذقية درعا.. تبرع بالدم لدعم مرضى التلاسيميا غارات عنيفة على النبطية .. ولبنان يدعو لوقف الاعتداءات الإسرائيلية "زراعة القنيطرة".. دعم الفلاحين بالمياه والمستلزمات للزراعات الصيفية فلاحو درعا يطالبون بتخفيض أسعار الكهرباء توفير الأسمدة والمحروقات