ثورة أون لاين – ديب علي حسن:
لوهلة من الزمن، ساد الأوساط الثقافية والفكرية، لاسيما بعد انهيارالاتحاد السوفييتي، ساد وهمٌ مفاده أن زمن الأحزاب قد ولّى إلى غير رجعة.. وما تم إنجازه عبر مرحلة ما سيكون حبراً على ورق في القادم من الزمن. كان القائد المؤسس حافظ الأسد خير من قرأ القادم ورأى بعيني الاستشراف أن المتغيرات قد تكون لفترة طويلة ولكنها لن تنال من الجذور. نبه إلى ذلك ومضت سورية بقيادته تبني وتراكم البناء، وتعزز القدرات.
وتابع السيد الرئيس بشار الأسد مسيرة التطوير والتحديث منذ عام 2000 م لتغدو سورية جسر عبور للمستقبل وطاقة فعل وحياة.
رمتنا سهام الغدر من كل حدب وصوب، وظلت سفينة الإنجاز تمضي وتكمل على جذور متينة ترفع رايات القدرة على التجدد كل ساعة وكل يوم.. وصل العالم إلى لحظات اختناق أيديولوجية، لكن سورية لم تصلها لأن القراءات الواعية التي استشرفت القادم تعرف أن المتغيرات هذه ستكون هزة كبيرة لكنها لم ولن تستطيع اقتلاع الجذور.
المشهد اليوم مع كل ما نراه يدلل على قدرة سورية شعباً وقيادة على القراءة العميقة الصحيحة المنطلقة من نسغ الحياة ببساطة وسهولة. يمكن لأي مراقب أن يقف اليوم عند سبعة عقود من تاريخ البعث ليرى أن البعث كان الحزب الأكثر قدرة وفاعلية على العمل في الحياة من الوطن إلى الأمة، من الماضي إلى الحاضر، قدرة مدهشة على التجدد والمضي نحو آفاق أكثر رحابة .
وليس من باب الاستعراض، إنما من ضرورات الواقع الحالي أن نشير إلى أن ما نراه اليوم من انهيارات في البنى العالمية ومؤسساتها المجتمعية والصحية دلت على هشاشة البناء الذي كانوا يسوقونه على أنه الأنموذج الأمتن وهو طريق الشعوب إلى بر الأمان .
آلاف العمال يفقدون وظائفهم.. أسر مشردة، وأنظمة صحية عاجزة. وبدا الغرب عارياً تماماً.. وحدها الدول التي تبنت النهج الاشتراكي الذي حُورب، كانت السند للعالم كله، من الصين إلى روسيا.. واليوم يجب أن نقدم سردة سريعة لعدوان مستمر على سورية من تسع سنوات ومع كل ما ضخه الغرب المنافق من أدوات عدوان بالتعاون مع أنظمة الرجعية العربية يعاضدهم النظام التركي، ومع هذا التوحش كله مازال المجتمع السوري يجد مؤسسات الدولة قوية راسخة قادرة على مواجهة التحديات.
هذه القدرة على المواجهة والفعل لم تأت من فراغ، ولا تصب أيضاً في فراغ، بل هي نتاج معادلة حقيقية قالها القائد المؤسس حافظ الأسد ذات يوم : «قوتان لا تقهران.. قوة الله , و إرادة الشعب».
نعم: الشعب السوري الذي خبر المحن واجتاز أكثرها صعوبة، يرى اليوم أن البعث المتجدد دائماً هو طريق للبناء الفكري والثقافي والمعرفي والاجتماعي والاقتصادي. صحيح أننا عبرنا مطبات كثيرة، لكنها لم تكن إلا دروساً وقدرة على استخلاص العبر.
في ذكرى تأسيس البعث.. نحن اليوم بأمس الحاجة للمضي نحو الغد والقدرة الخلاقة على تحويل المحن إلى نقاط ارتكاز وانطلاق. والنقد الذاتي الذي يتسم به البعث يقدم دليلاً حياً على أن من ظن يوماً أن الأحزاب التي انبثقت من صلب الجماهير ومعها كانت، زمنها قد مضى، عليه اليوم أن يراجع ما يجري ويقرأ التحولات والمتغيرات.. بعثناً ليس حزباً جامداً بل اتسم عبر تاريخه بالحيوية والقدرة على التجاوز وقراءة المتغيرات.. اليوم نحن أكثر ثقة بالقادم بمسيرة سورية والبعث، يقودهما السيد الرئيس بشار الأسد، وقد خبرتنا نوائب الدهر، فما كنا إلا القادرين على اجتراح المستقبل وصنعه لأن الغد لنا، من ثقة الشعب بالبعث وقائده وصدق الرؤى والعزم.