يقف على حافّة صمته “الصاخب”.. متناسياً أن في بعض معانيه انسحاباً وتراجعاً.
أيكون راغباً في استطلاع شيء من شجاعة الوقوف على منحدرات الصمت الوعرة..؟!
أيكون ما حسبته هروباً إليها بات هروباً منها..؟
مرة أخرى.. وربما عاشرة أو أكثر.. تتوه في دوامة التناقضات..
تنطفئ جمالية الأشياء التي كانا تحدثا عنها سويّاً.. وكأن شيئاً لم يكن..
فجأة تنهار حميمية وقدسية لحظات تشاركاها..
هكذا لمجرد أن تخطئ في حساب خطواتك تجاه الآخر، تكون وقعت في شرك “الهوى” دون علمك.. أو ربما وقعت في شرك نصبته اللغة دون علم أيٍّ منكما..
أليست اللغة فخٌّ ماكر يسرّع من رحلة عبورك نحو الآخر.. فلا تبصر عثرات خطواتك إليه..؟!
أي حماقةٍ.. يمكن أن تقيس مقدار لهفتك إليه..؟!
ربما تشاركا شيئاً دون قصد.. كأن تسرح في خاطر كل منهما عبارة ميلان كونديرا التي تحدّث فيها عن أن ثمة اتفاقاً غير مدوّن يحدث في بداية كل علاقة غرامية ما بين عاشقين.. “يعيشان هذه الفترة في ما يشبه الحلم لكنهما ومن دون وعي منهما يكونان بصدد كتابة الشروط التفصيلية للعقد الذي سيجمعهما”..
أيكون كلام كونديرا دقيقاً إلى هذا الحدّ..؟
عن أي عقود أو شروط تحدّث..؟
بالنسبة لها، كانت تجهل ذاك النوع من التواطؤ الذي يقيمه أي عاشق بينه وبين نفسه صيداً للآخر.. مقتنعةً أن صيدها الأجمل سيكون الالتهاء برسم لوحة الحب كما يُفترض لها أن تكون، ومحاولة عيش الواقع بأقرب ما يكون للحلم.
وتعود تذكر سلاح “سكونه” متعالي الضجيج.. و”صمته” الذي يبتلع كل الأحلام وخيالات حياة كان يمكن لها أن تمضي نحو الأفضل.
جبالٌ من صمتٍ يكسوها صقيع اللا كلمات.. ويبدو أن عليها وحدها فكّ لغزه.
وكيفما كانت حلول طلاسم “سكونه”، وألغاز شجاعة “صمته”، تهمس لنفسها: لست (مانيكان) الأحلام.. ولا دمية (الماريونيت)..
ألسنا جميعاً نتناوب مواقع الفاعل والمفعول به.. ونتأرجح بين هذه وتلك دون الاستقرار لركون أو ثبات أي منهما..؟!
رؤية- لميس علي