من واقع يومي ومعاش ومشهد يتكرر مرات ومرات يتصدر موضوع ارتفاع الأسعار أحاديث الناس كمعاناة يومية لتأمين مستلزمات العيش، حيث لا ضوابط أو حدّاً معيناً تقف عنده هذه الأسعار التي باتت ترهق المواطن وتفرض عليه تحدّيات أكثر في ظروفه الصعبة.
فحتى في رمضان شهر الرحمة والمغفرة لم تستطع أي تأكيدات للجهات المعنية أن تحقق جديداً في ضبط الأسعار وارتفاعها في مختلف السلع والمواد االغذائية والاستهلاكية وغيرها، مع تباين واضح في السعر بين سوق وآخر وبين تاجر وتاجر، رغم التعليمات التي تؤكد الالتزام بالسعر وتحديد هامش مناسب للربح.
إذ إن العشوائية واللامبالاة من قبل العديد من التجار والباعة باتت شعاراً لهم حيث المزيد من حالات الطمع والجشع لاستغلال المستهلك وارتكاب المخالفات بحقه في عدم التقيد بالأسعار أو لجهة المخالفة في نوعية السلعة وجودتها وحتى مواصفاتها الصحية المطلوبة وصلاحيتها للغذاء والاستهلاك ليكون جني الأرباح على حساب المواطن مادياً وصحياً.
وفي ظل حالة مستمرة من فوضى الأسعار لحجج ومبررات عدة وعدم ضبط الأسعار بالشكل المطلوب، بدت الخطوة التي اتُّخذت مؤخراً بتكليف من المحافظين إقامة الأسواق الشعبية للفلاحين خطوة ملفتة، في ضوء ما يمكن أن تحققه من نتائج إيجابية ولو بنسب متباينة، سواء للمزارعين الذين سيتمكنون من عرض وبيع منتجاتهم من خضار وفاكهة ومواد غذائية من صنع اليد السورية ذات الخبرة والتميز، أو لجهة المستهلك الذي سيكون بإمكانه تأمين احتياجاته اليومية عبر هذه الأسواق من سلع ذات جودة ونوعية عالية، وبأسعار لا شك مختلفة عن الأسعار في الأسواق والمحال الأخرى.
وبانتظار إطلاق العمل بهذه الأسواق، من المهم للجهات المعنية الأخذ بعين الاعتبار التوسع بهذه الخطوة، وإحداث أسواق أكثر، وتأمين كافة مستلزماتها وشروطها الصحية لتشمل العديد من المناطق، وأن لا تكون محصورة فقط في المدن حيث إن الأرياف تعاني ارتفاع الأسعار ومحدودية عرض السلع بالشكل الذي يلبي الاحتياجات.
وفي غياب دور الوسيط وإتاحة فرصة البيع المباشر للمستهلكين وبأسعار منافسة تكسر حلقات الوساطة والاحتكار، يتكامل هدف هذه الأسواق ريفاً ومدينة لتأمين السلع للمستهلك نباتية وحيوانية، أو صناعات منزلية وبسعر مناسب بعيداً عن سماسرة السوق ممن يستغلون جهد الفلاح وتعبه في محصوله ليباع لاحقاً بأعلى الأسعار..
حديث الناس- مريم إبراهيم