ثورة أون لاين- نبيه البرجي:
يدخل الناس لحضور احدى مسرحيات صمويل بيكيت يرفع الستار: ظلام, وأنين لدقيقة واحدة,يسدل الستار,انتهت المسرحية.
يخرج الجمهور غاضبا لعل البعض أدرك المعنى واستعاد رباطة جأشه.
اختزال لأوديسة القهر التي تعيشها البشرية..
هل يكفي ألف عام من الأنين ( الإضافي ) لاختزال اوديسة القهر التي يعيشها العرب?
اللغة تصبح حطاما اذا بقيت هكذا ترقص, عبثيا, حول الضحية.
اللغة ضحية و (عارية القدمين) مثلما وصفها اوكتافيو باث, عندما تفقد القدرة على التفجير, وعلى إضاءة الذات , وعلى إعادة تصنيع الحياة بالطريقة التي تليق بالحياة, حتى وإن كان كاتب بارز مثل امبرتو ايكو يتضرع إلى الكلمات, ويجثو أمامها, لأنه يستهلكها كمهرج لا كرجل قضية.
سوية في هذا السيرك العربي, ولتتعذب مثلنا, تترهل مثلنا, الكلمات التي كانت تهز الدنيا.
لا داعي للاستعانة بالكاتب الايرلندي لكي يفسر لنا, وهو أحد نجوم اللامعقول كيف اضحت الترجمة العربية للزلزال: الأنين!
البلقنة? يالغبائنا عندما نتوقف عند هذا التعبير الذي تجاوزته الحالة العربية ( وربما تتحسر عليه) بعدما غدت اتفاقية سايكس – بيكو حلماً لأن ما ينتظرنا ونحن على خطا التدويل (عما قريب قد تسمعون بقرار من مجلس الأمن الجزيل الاحترام يحدد نوع ملابسنا الداخلية) أشد هولاً بكثير لاحظوا كيف نهزج للقيصر وهو يختال فوق جثثنا.
حقا, مللنا هذا الكلام من فضلكم اقفلوا افواهنا بالشمع الأحمر اقفلوا بطون نسائنا اذا كان هذا قدرنا أن نتدحرج وإلى الأبد على عباءة القيصر ولنمارس تلك الديمقراطية الجميلة (التي سبق لغابرييل غارسيا ماركيز أن قال إنها مصنوعة من الفحم الحجري ولطراز من البشر يشبه الفحم الحجري) فالذين يمسكون بالخيوط الذهبية, وهي تلتف على اعناقنا كما حبل المشنقة شغوفون جدا بتلك الوصفة السحرية – العصا السحرية – التي تجعل بوابات الدم تفتح الواحدة تلو الأخرى وقد اصبحت ايدينا ملأى بالثقوب لا ترفعوا ايديكم ولكن ماذا نفعل بالمناديل البيضاء المرصعة بالدم.
مسرح! لا نتوقع ان تجحظ عيونكم امام المشهد الذي يتكرر منذ نصف قرن أو أكثر، ولكن لا ترون حتى أنين ألف العام تحول ايضا إلى مهزلة.
أمة هي في المنطقة الفاصلة بين القيصر والمهرج!
كاتب و صحفي لبناني