اعتادت عيناها البحث سريعاً عن وردتها المفضلة في كل محل ورد تدخل إليه.
لا تعلم أي عادة اكتسبتها تدفعها إلى إهداء من تحب مجموعة أشياء تعشقها وتهوى النظر إليها.
لن تدوم حيرتها طويلاً في اختيار وردتها المحببة.. كما لن تتوه عن كيفية تنسيق باقة الورود.. هكذا تريدها، أن تجتمع أزهار الليليوم في الوسط وتحيط بها ندف “الجيبسوفيلا” تلك الأزهار المتناهية في الصغر والتي تشبه الثلج بتوزعها حول أي شيء تتجمع حوله.
لن تعتبر مشاركتها في تصفيف الورود تدخلاً .. فهي تمارس قناعتها: أن علينا وضع بصمتنا الخاصة في هدايانا وما نشتريه من أشياء لأحبتنا.. أن نغرس فيها شيئاً من روحنا.
تنتهي من تصفيف أزهارها المفضلة وتسارع للقاء من هو الأقرب إلى روحها.. وبلمح البصر تخترق رأسها فكرة أن لقاءهما سيكون لقاء أرواح تتعطر بحضور ورودها بعيداً عن كل خلافاتهما السابقة.. لطالما كانت تهوى صنع المفاجآت لمن تحب حتى في أيام البعد والخصام.
كل ما أرادته الاقتراب ولو خطوة من عالمه ومن قلبه الذي يبدو عصياً حد التعب.
هندست انفعالاتها، ضبطت كل انزعاجاتها، أسكتت غضبها وقررت ارتداء ابتسامتها التي هي على يقين أنها ستعلو وجهها بعفوية حين تراه.
للحظه سخرت من نفسها حين تذكرت أن وقوعها في حبه كان، بداية، ضرباً من المستحيل، فمعظم الأشياء التي رغبت وجودها في رجل أحلامها ليست لديه.. وهي ذات النقطة التي تقنعها بحقيقة مشاعرها نحوه.
ما هذا التناقض..؟
تذكرت طريقة جاك دريدا في تفكيك مفهوم الحب: “هل يحب الشخص شخصاً آخر، أم إنه يحب شيئاً ما في ذلك الشخص”.. بمعنى هل نحب الشخص لذاته أم لصفاته..؟
ابتسمت ابتسامة هازئة فما حصل معها أنها أحبته دون أن يكون لديها الوقت لتتساءل مثل هذه التساؤلات.. أن تبحث عن صفاته أو تدرك كنه ذاته.
ولتكن كيفما تكن تعريفاتهم من أن الحب شعور بالنقص.. أم بالاكتمال.. بالحاجة.. أم بالسعادة.. يكفيها أنها تشعر بفرح غامر حين لقياه ولتذهب كل تفنيداتهم إلى قعر الجحيم.. لطالما آمنت بمقولة: “أننا نحب الإنسان لشيء لا نستطيع تحديده” وهو لغز الحب الأجمل.
رؤية-لميس علي