ثورة أون لاين – محمود ديبو:
كثيرة هي الملاحظات وإشارات الاستفهام التي طالت أداء (السورية للتجارة) منذ إحداثها قبل ثلاث سنوات وحتى الآن، ودائماً كان يسأل المواطن عن الأسباب التي حادت بهذا الأداء عما هو محدد له بمرسوم الإحداث، فإلى اليوم لم تثبت السورية للتجارة أنها قادرة على لعب الدور المحدد لها، لابوصفها تاجراً ولا بوصفها أداة التدخل الإيجابي القادرة على التأثير على الأسعار والحد من موجات الغلاء المتلاحقة التي شهدتها أسواقنا وما تزال إلى الآن..!!
فالإمكانات المتاحة والمتوافرة لدى المؤسسة كبيرة جداً، وتعطي الإمكانية لأخذ دورها بالشكل المطلوب، ومنها أسطول شاحنات يبلغ تعداده أكثر من 200 شاحنة، وامتلاكها 29 وحدة خزن وتبريد تضرر نصفها تقريباً خلال سنوات الحرب على سورية ،والباقي جاهز للعمل بكفاءة جيدة، هذا إضافة إلى المسالخ والصالات والكثير من المقرات والمحال المتوزعة في أسواق الهال وباقي الأسواق التجارية في مختلف المدن والمحافظات..
ومن خلال البحث عن الأسباب التي ماتزال تؤخر قيام المؤسسة بأخذ زمام المبادرة في أسواقنا المحلية حتى الآن، نجد أن المؤسسة تعاني من خلل مالي وإداري، فحتى الآن لم يتم إصدار النظام الداخلي للمؤسسة المدمجة من ثلاث مؤسسات (الخزن والتبريد، سندس، الاستهلاكية)، ولم يصدر لها نظام مالي يسمح لها بوضع موازناتها السنوية، إلى جانب عدم قدرة الإدارة على معرفة موجودات مستودعاتها من السلع والبضائع، وعدم وجود كوادر تخصصية بالتخطيط والتسويق، وانعدام القدرة والمرونة في تقديم عروض على بعض السلع والمنتجات.
إلى جانب الفساد الذي يشوب بعض عمليات الشراء المباشر للجهات العامة من صالات المؤسسة المؤجرة والمستثمرة من قبل القطاع الخاص، وفوق كل هذا تم تحميل المؤسسة الديون التي كانت مترتبة على المؤسسات الثلاثة والبالغة 34 مليار ليرة، ومنها قروض شراء السكر خلال أعوام (2009 – 2012).
هذا الواقع الذي تشهده (السورية للتجارة) يمنعها من القيام بالكثير من الخطوات الضرورية وخاصة في ظل الخلل الواضح الذي يضرب الأسواق بسبب استغلال بعض التجار والموردين والسماسرة والوسطاء التجاريين، الأمر الذي يحتاج والحال كذلك إلى الإسراع بإصدار النظامين الداخلي والمالي للمؤسسة وتحديد رأسمالها وموازنتها السنوية، ورفدها بكوادر متخصصة بالتسويق والتخطيط مع تأسيس وحدات تسويقية في كل محافظة تنظم عمليات البيع والشراء، وأتمتة نظام إدارة المستودعات وتأمين ربط شبكي لكافة منافذ وفروع المؤسسة، والبدء بوضع دراسات تمكنها من تحديد المحاصيل الأساسية ذات الحضور الدائم على موائد المواطنين وما يجب أن يتم دعمه، من خلال الاستفادة من الدراسات المتوافرة لدى وزارة الزراعة ومواعيد الزراعات ولتحديد التوقيت المناسب لتخزين المحاصيل وإعادة طرحها في الأسواق.
وتفعيل دور المؤسسة كما ورد في مرسوم الإحداث لجهة قيامها بضمان الأراضي الزراعية من الفلاحين وشراء المحاصيل للتخزين لضمان تدفق المواد إلى الأسواق بشكل منتظم بالتعاون مع وزارة الزراعة والروابط الفلاحية، وتقديم الدعم اللازم للفلاحين من خلال (بطاقة دعم خاصة بالفلاح) يتم من خلالها تقديم البذار والسماد والمبيدات وغيرها، وفق أسس معتمدة ومحددة تتضمن المساحة المزروعة ونوع الإنتاج وغيرها، ما يسهم بتخفيض التكاليف وتثبيت الفلاح بأرضه وتحفيزه.
وكذلك لتفعيل دور المؤسسة يحتاج الأمر إلى شراء كميات كبيرة من المواد وتخزينها في وحدات التبريد والخزن، والقيام بالتدخل بشكل يومي بسعر الجملة من خلال إرسال شحنات من تلك المواد إلى سوق الهال لكسر السعر، مع الإشارة هنا إلى أن المؤسسة تمتلك 14 محلاً تجارياً في سوق الهال بدمشق، لكنها مؤجرة إلى تجار، ما يعني أن المؤسسة عطلت دورها هنا في سوق الهال ،وهذا الواقع يجب أن يعاد تصحيحه من خلال استثمار هذه المحلات من قبل المؤسسة للقيام بدوره التدخلي في سوق الهال بالشكل المناسب.
والسعي لاعتماد آلية تسعير محددة للمواد مع مراعاة نسبة ثابتة للفلاح تكون منصفة ومجزية ومشجعة بنسبة 15%، و5% للسورية للتجارة بوصفها تاجراً، و15% لتاجر المفرق.
ويبقى الحديث عن ضرورة إعادة الهيكلة الإدارية للمؤسسة التي تضم حالياً 16 مديرية يمكن دمج بعضها وإحداث مديريات جديدة خاصة لجهة مديرية تعنى بإدارة شؤون العقارات التي تملكها المؤسسة البالغ عددها 1180 عقاراً ،منها ما هو مستخدم ومنها ماهو متنازع عليه، وبعضها مؤجر، وهذه بحاجة إلى تصنيف وحل النزاعات ووضع خارطة جغرافية للتوزع لكي يتم استثمارها بالشكل الأمثل.