ثورة اون لاين :
اللغة مجموعة من الإشارات والرموز، تشكّل أداة من أدوات المعرفة والتواصل، وهي من أهم وسائل التفاهم بين البشر في المجتمع الواحد، فمن دون اللغة قد يجد الإنسان صعوبة بالغة عند القيام بأي نشاط.
حيث تتطوّر اللغة من جيل إلى جيل، بالضبط مثل التطوّر البيولوجي، وليس هناك أيّ معنى واضح يعبّر عن ذلك التطوّر أو حتى يمكن القول بأنّ هناك لغة أقدم من غيرها، ذلك لأن اللغات جميعها قديمة قدم الإنسانية، وكلّ لغة لها ما يميّزها من جذرها التاريخي والعامي.
ورغم ذلك، هناك عدد من اللغات التي لم تتطوّر بالدرجة التي تطوّرت بها اللغات الأخرى، حيث ظلّت كما هي قديمة بمصطلحاتها، ولا يزال هناك أناس ينطقون بها حتى الآن. منها :
اللغة الأيرلندية
رغم أن فئة قليلة من الشعب الإيرلندي في الوقت الحاضر هم فقط من يتحدّثون الإيرلندية الغالية كلغة، إلا أن لهذه اللغة تاريخ طويل، هذه اللغة عضو في فرع اللغات السلتية وهي بدورها فرع من اللغات الهندو- أوروبية، وهي موجودة في الجزر التي تمثّل الآن بريطانيا العظمى وإيرلندا، قبل وصول تأثير اللغات الجرمانية، نشأت عدّة لغات من الإيرلندية الغالية كاللغة الأسكتلندية الغالية ولغة المانكس، التي تستخدم كلغة محكيّة في جزيرة مان، وهذه اللغات تعتبر في الحقيقة أقدم لغات الأدب العامية وأقدم من أي لغة أخرى في أوروبا الغربية.
اللغة الأيسلندية
الأيسلندية هي لغة أخرى من عائلة اللغات الهندو-أوروبية، لكن هذه المرة من فرع الجرمانية الشمالية -فقط للمقارنة، اللغة الإنجليزية هي أيضا لغة جرمانية، ولكن من فرع الجرمانية الغربية- تبسطت العديد من اللغات الجرمانية وفقدت بعض من الميزات التي تملكها اللغات الهندو-أوروبية، لكن الأيسلندية تطوّرت بشكل أكثر تحفّظًاً، وأبقت على الكثير من هذه الميزات، ورغم سيطرة الحكم الدنماركي في البلاد من القرن الرابع عشر حتى القرن العشرين إلا أن ذلك لم يؤثر على اللغة إلا بشكل ضئيل جداً، وأكبر دليل على ذلك هو أن المتحدثين بهذه اللغة يمكنهم بسهولة قراءة الملاحم المكتوبة منذ قرون.
اللغة الباسكية
تعتبر من الألغاز اللغوية التي لم تحلّ حتى يومنا هذا، ويتحدّث بهذه اللغة بعض من شعب إقليم الباسك الذين يعيشون في إسبانيا وفرنسا- اللغات الرومانسية – لكن الغريب في الموضوع أنه ليس لهذه اللغة أيّ علاقة بأيٍّ من اللغتين الفرنسية والإسبانية، أو بالأحرى ليس لهذه اللغة أيّ علاقة بأيّ لغة أخرى في كل العالم. افترض علماء اللغة على مدى عقود نظريات كثيرة حول أصل هذه اللغة، لكنهم لم يجدو الجواب حتى الآن، والشيء الوحيد المعروف هو أن اللغة الباسكية كانت موجودة في منطقة إقليم الباسك قبل وصول اللغات الرومانسية، أيّ قبل وصول الرومان مع اللغة اللاتينية التي تطوّرت فيما بعد إلى الفرنسية والإسبانية.
اللغة التاميلية
لغة يتحدّث بها حوالي 78 مليون نسمة ومعترف بها كلغة رسمية في الهند وسريلانكا وسنغافورة، وهي اللغة الكلاسيكية الوحيدة التي صمدت على مر التاريخ حتى وصلت إلى العالم الحديث. اللغة التاميلية عضو في عائلة اللغات الدرافيدية، التي تضم عدداً من اللغات المحلية ويتواجد معظمها في جنوب وشرق الهند. وجد الباحثون نقوش مكتوبة باللغة التاميلية تعود في تاريخها إلى القرن الثالث قبل الميلاد، وقد تم استخدام التاميلية بشكل متواصل منذ ذلك الحين، على عكس السنسكريتية، وهي لغة هندية قديمة أخرى سقطت من الاستعمال الشائع تقريباً في العام 600 قبل الميلاد وأصبحت لغة تستخدم في الطقوس الدينية، واصلت التاميلية التطوّر وهي الآن واحدة من أكثر من 20 لغة شيوعاً في العالم.
اللغة الجورجية
منطقة القوقاز تعتبر مكان ملائم لعلماء اللغة، واللغات الرئيسية للدول القوقازية الجنوبية الثلاث: أرمينيا، أذربيجان وجورجيا، تأتي من ثلاث عوائل لغوية مختلفة تماماً وهي على الترتيب: العائلة الهندو-أوروبية والعائلة التركية والعائلة الكارتفيلية. تعتبر الجورجية أكبر لغة في العائلة الكارتفيلية، وهي اللغة القوقازية الوحيدة التي ما زالت تحتفظ بالتقليد الأدبي القديم. تمثل اللغة الجورجية أبجدية جميلة وفريدة وأيضاً قديمة، ويُعتقد أن لها علاقة بالآرامية التي تعود إلى القرن الثالث الميلادي. هناك أربعة لغات كارتفيلية فقط، يتحدّث بها الأقليات في جورجيا، وليس لهذه اللغات الأربع أيّ علاقة بأيّ لغة أخرى في العالم.
اللغة الفنلندية
لم تكتب اللغة الفنلندية حتى القرن السادس عشر، لكن كما هو الحال مع أي لغة، للغة الفنلندية تاريخ يعود إلى وقت يسبق القرن السادس عشر بكثير. اللغة الفنلندية عضو في عائلة اللغات الفينية الأوغرية، وتتضمن هذه العائلة أيضاً الإستونية والمجرية وعدة لغات تتحدث بها الأقليات عبر سيبيريا، تتضمّن الفنلندية العديد من الكلمات المستعارة، والتي أضيفت إليها من عائلات لغوية أخرى على مدى قرون، حافظت الفنلندية في كثير من الحالات على الشكل الأصلي لهذه الكلمات كما وردت في اللغة الأم.
اللغة الليتوانية
معظم اللغات الأوروبية تنتمي لعائلة اللغات الهندو-أوروبية، لكن هذه العائلة بدأت بالانقسام تقريباً في العام 3500 قبل الميلاد. وقد تطورت هذه العائلة لعدة لغات أخرى مثل الألمانية والإيطالية والإنجليزية، وبدأت تدريجياً تفقد الميزات التي كانت تجمعها، إلا أن لغة واحدة فقط تنتمي لفرع من لغات البلطيق ومن العائلة الهندو-أوروبية، استطاعت الاحتفاظ بأكثر من سمة من سمات اللغة الهندو-أوروبية البدائية وهي اللغة الليتوانية التي كانت موجودة تقريباً في العام 3500 قبل الميلاد، لا يدري العلماء ما هو السبب، ولكن أبقت الليتوانية على الأصوات والقواعد النحوية من اللغة الهندو-أوروبية البدائية أكثر من أي لغة من أبناء عمومتها، كالألمانية والإيطالية والانجليزية، ويمكن القون بأنها واحدة من أقدم اللغات في العالم.
اللغة المقدونية
واحدة من اللغات السلافية، وتضم عائلة اللغات السلافية أيضاً كل من الروسية والبولندية والتشيكية والكرواتية وغيرها. تفرعت هذه اللغات جميعها من سلف مشترك واحد وهو اللغة السلافية العامية أو البروتو السلافية، وعندما قام الأخوين كيرلس وميثوديوس – وهما أخوان يونانيان كانا كلاهما أكاديميين ولاهوتيين ولغويين – بتنظيم اللغة العامية السلافية، أنتجا ما يمكن تسميته لغة الكنيسة السلافية القديمة، ووضعا أبجدية لهذه اللغة، ثم أخذا اللغة معهما شمالاً في القرن التاسع عشر أثناء محاولتهما نشر الديانة المسيحية بين شعوب السلاف. جاء هذين الأخوين من منطقة ما في شمال اليونان، وربما تكون هذه المنطقة هي مقدونيا الحالية. اللغة المقدونية – جنباً إلى جنب مع اللغة البلغارية التي تشبهها كثيراً – هي أكثر اللغات ارتباطاً بلغة الكنيسة السلافية القديمة، وبالتالي يمكن اعتبارها من أقدم اللغات الموجودة حالياً.