الثورة أون لاين – دينا الحمد:
منذ تأسيسها وحتى يومنا درجت مؤسسات الأمم المتحدة وأجهزتها المختلفة على اتباع سياسة المعايير المزدوجة، والكيل بمكيالين حين تناقش قضايا الشعوب وأزماتها، فإن كانت القضية المطروحة تمس العرب وقضيتهم المركزية فلسطين، أو قضايا الشعوب المغلوب على أمرها، فإنها تصدر القرارات الخجولة حيالها، وتذهب معظمها إلى أدراج النسيان.
وإن تحركت هذه المنظمات في يوم من الأيام لتنفيذ قراراتها التي تمس حلفاء أميركا وأدواتها كالكيان الإسرائيلي فإنها تكتفي بالمطالبة والمناشدة بتطبيقها حتى ولو استمر الأمر عشرات السنين، ومن النادر أن تصدر تلك المؤسسات الدولية (كمجلس الأمن الدولي) قراراتها تحت الفصل السابع الذي يجبر الطرف المعتدي على تنفيذها، ومثال ذلك القرارات الخاصة بالجولان المحتل وفلسطين المحتلة فهي خير شاهد، فقد مر على صدور بعضها سبعة عقود، أي منذ احتلال فلسطين من قبل الصهاينة، وبعضها الآخر نصف قرن أي منذ احتلال الكيان الغاصب للجولان، ولم تطبق ولم تتم معاقبة الكيان الصهيوني من قبل مجلس الأمن الدولي أو أي منظمة دولية أخرى.
أما حين يتعلق الأمر بأي قضية تمس أميركا أو حلفاءها فإن هذه المنظمات الدولية تقوم بمحاباتهم والاكتفاء بإصدار البيانات الخجولة، وحتى في حال إصدارها لقرارات هامة تجبر الكيان الإسرائيلي مثلاً على التنفيذ فإنها تكتفي بمطالبته بذلك على استحياء، وعبر بيانات متكررة تشدد على وجوب تطبيق القرارات الأممية بالقول وليس بالفعل كما هو الحال مع مطالبة مجلس الأمن لهذا الكيان العنصري بالانسحاب من الجولان، فلو عدنا إلى أرشيف الأمم المتحدة لوجدنا ربما آلاف الاجتماعات التي تدعوه فقط للانسحاب دون ممارسة أي ضغط عليه أو تهديده أو وعيده في حال لم يطبق قرارات المنظمة الدولية.
اليوم ومنذ سنوات تجدد سورية التأكيد على أن الجولان السوري المحتل جزء لا يتجزأ من أراضيها، وأن استعادته حتى خط الرابع من حزيران لعام 1967 بكل السبل التي يكفلها القانون الدولي ستبقى أولوية للسياسة السورية والبوصلة التي لن تحيد عنها، لكن المفارقة الصارخة أن مجلس الأمن الدولي لم يحرك ساكناً تجاه الكيان الإسرائيلي رغم أنه يحتل الجولان منذ ثلاثة وخمسين عاماً.
هي إذاً سياسة الكيل بمكيالين التي تجعل هذا الكيان العنصري يزدري بشكل فاضح أحكام ميثاق الأمم المتحدة وقواعد القانون الدولي ومئات القرارات التي اعتمدتها الأمم المتحدة ويرتكب الانتهاكات الجسيمة الممنهجة للقانون الدولي الإنساني ولحقوق الإنسان، والتي ترقى إلى جرائم حرب، ويستمر باحتلال أراضي الآخرين دون أي رادع ودون أي قرار تحت الفصل السابع من قبل مجلس الأمن يهدده بالعمل العسكري كما يفعل مع بعض الأعضاء الآخرين ويتوعدهم على أقل تقدير بالعقوبات والحصار