الثورة أون لاين- فاتن عادله:
موجة احتجاجات جديدة مناهضة للعنصرية تضاف إلى سلسلة الاحتجاجات الأميركية المتواصلة والتي تتخذ من شعار “حياة السود مهمة” على خلفية جريمة مينابوليس العنصرية، والتي كشفت مدى تجذر العنصرية في المجتمع الأميركي، والتي تؤججها تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووقوفه إلى جانب وحشية الشرطة بحق السكان الملونين.
الشرخ الآخذ بالتوسع داخل المجتمع لم يستطع ترامب ولا شرطته العنصرية إيقاف خيوطه التي أخذت تتشابك مع مدن وولايات أخرى، وهو ما رسمه المشهد في مدينة سياتل بولاية واشنطن، بعد أن تظاهر حشد من الأميركيين في المدينة مساء أمس، حيث استخدمت الشرطة القنابل الضوئية وغاز الفلفل لتفريق المتظاهرين وذلك في إطار الاحتجاجات التي تعم الولايات المتحدة ضد عنف وعنصرية الشرطة الأميركية.
وعلى هذه الخلفية الاحتجاجية ذكرت صحيفة سياتل تايمز أن الشرطة أوقفت 16 شخصا في سياتل التي انضمت إلى حركة بدأت في مدينة بورتلاند كبرى مدن ولاية أوريغون ضد العنصرية ونشرت عناصر أمن فيدراليين بأمر من ترامب، فيما قال صحفي من وكالة فرانس برس: إن بعض المتظاهرين حاولوا حماية أنفسهم من غاز الفلفل باستخدام مظلات وتحدث عن دوي انفجارات.
وفي مدينة لويسفيل بولاية كنتاكي ذكرت وسائل إعلام أميركية أن ثلاثة أشخاص أصيبوا بجروح طفيفة بسلاح ناري لكن الشرطة ادعت أن وقائع الحادث عرضية.
محتجون آخرون أضرموا بدورهم النار بمبنى محكمة في مدينة أوكلاند بولاية كاليفورنيا، غربي الولايات المتحدة، وكسروا نوافذ مركز للشرطة وهاجموا عناصر أمنية.
ووفق ما أفادت به شرطة أوكلاند عبر “تويتر” اليوم الأحد بأن “محرضين ضمن حشد المحتجين أضرموا النار بمبنى محكمة دائرة ألامبدا”، داعية المواطنين للابتعاد عن تلك المنطقة.
كما ذكرت الشرطة أن المتظاهرين رشقوا ضباط الشرطة بـ”مقذوفات خطرة”، كما كسروا زجاج نوافذ لمركز شرطة وتركوا كتابات ورسوم على جدرانه، فيما حاول بعض المحتجين إزالة المتاريس التي أقامتها الشرطة، التي قدرت عدد المتظاهرين بنحو 700 شخص، تم توقيف عدد منهم.
مظاهرة حاشدة مماثلة كانت خرجت مساء الجمعة في مدينة بورتلاند بولاية أوريغون استخدمت فيها قوات الأمن الغاز المسيل للدموع بكثافة وقامت بتفريق المتظاهرين بالقوة.
وظهرت تسجيلات فيديو نشرت على شبكات التواصل الاجتماعي عناصر الأمن الفيدراليين ببزات القوات الخاصة ودون شارات ظاهرة تحدد هويتهم يستخدمون سيارات عادية مموهة لتوقيف متظاهرين.
فيما أكد محتجون بحسب وكالة فرانس برس رفضهم لوجود عناصر أمن فيدراليين في مدينتهم وعبروا عن دعمهم لحركة “حياة السود لهم” التي ساهمت في تنظيم مظاهرات في أرجاء البلاد لأسابيع عقب مقتل جورج فلويد الأميركي من أصول إفريقية على أيدي شرطة مينيابوليس في أيار الماضي.
ومع هذه الممارسات العنصرية التي زادها ترامب بلّة أكد رئيس بلدية بورتلاند الديمقراطي تيد ويلر أن العناصر الفيدراليين تسببوا في تصعيد خطير للوضع باستعمالهم أساليب مسيئة وغير دستورية، في حين كان ويلر التقى محتجين الأربعاء الماضي عقب إصابته بقنبلة غاز مسيل للدموع.
وحول الاحتجاجات التي لم تتوقف في بورتلاند، منذ وفاة فلويد يبدو أن هذه المدينة تحولت منذ بضع سنوات إلى رمز لمعارضة ترامب والمحافظين من كافة التيارات.
ويرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة أوريغون جون لاونديس هوية المدينة بالقول: إنّ “تاريخها مرتبط بالنضال السياسي اليساري، لا سيما اليسار المتطرف المناهض للسلطة الحاضرة في ثقافة التظاهر في بورتلاند منذ نحو 30 عاماً”، مبيناً أن المدينة كانت دائماً ما تستقبل الرئيس الجمهوري جورج بوش الأب حينها، بالحواجز والإطارات المشتعلة والشعارات المنددة.
ورأى أنه “في الآونة الأخيرة، شهدت شوارع بورتلاند الكثير من الأنشطة المعادية للفاشية”، ضد مجموعات من اليمين المتطرف وتنظيمات مسلحة تتبنى فكر تفوق العرق الأبيض، مثل “براود بويز” و”باتريوت براير”.
وبين أنه منذ اختيار ترامب مرشحاً لانتخابات عام 2016م الرئاسية، فإن المجموعات اليمينية المتطرفة نظمت مسيرات و”هجمات عنيفة” ضد سكان بورتلاند، وهو ما أثار “ردة فعل لدى شبكة ناشطين مناهضين للفاشية توسع نطاقها خلال السنوات الماضية”.
وتفسّر العلاقات المتوترة تقليدياً بين السكان والشرطة أيضاً الصدامات المتكررة منذ أسبوعين بين بعض المتظاهرين وعناصر الشرطة الفيدراليين الذين نشرهم ترامب في وسط مدينة بورتلاند.
