الثورة أون لاين – لميس علي:
تجمُّد الوقت، هل يؤدي إلى “تفريز” المشاعر..؟
صاحب نظرة إيجابية سيجد أن “التفريز” عملية حفظ وإطالة أمد الشيء الذي تم تفريزه/تجميده، الحفاظ عليه بهيكلٍ ثابت.
تماماً.. كما نقوم بهذه العملية لحفظ بعض الأغذية حتى لو قلّت وتناقصت قيمتها الغذائية..
لكن.. ما حاجتنا إلى مشاعر مفرّزة.. جامدة.. غير قادر على احتواء حميمية اللحظة.. تنشغل بحالة الوقت المتشظي إلى المزيد من لحظاته المتشابهة..؟!
عن تجربة الحياة الواقعية الحالية وتحولاتها نتيجة الحجر الصحي يلاحظ الكاتب ديفيد ولاس ويلز: “نحن نوعاً ما نعيش في واقعين في وقت واحد- تجربة محلية مجمّدة ننفق فيها الكثير من وقتنا لمحاولة اللحاق بواقعٍ متسارع لا يمكننا متابعته إلا على هواتفنا وأجهزة التلفزيون”.
للحقيقة.. كل شيء يبدو متباطئاً..
مفاصل الوقت تتكلّس.. وتحتاج إلى إعادة تأهيل..
وإلى ذلك الحين، ألا تتأثر مشاعرنا..؟؟
هل بقيت تجاه من نحب هي ذاتها.. هل زادت أم تناقصت..؟
واقع “التباعد” وكثير من المصطلحات التي نمت في قاموس يومياتنا، يجعلنا نستعيد ملاحظة الناقد الثقافي سلافوي جيجيك أن “طريقة معيشتنا سيُعاد بناؤها بشكل مؤلم”.. كما يرى أن الأزمة الصحية العالمية الحالية يجب ملاحظتها ليس داخل نطاقها البيولوجي فقط، بل يفترض التنبّه إلى الكثير من الأشياء التي تتغير ضمن مفردات عيشنا مثل ميكانيزمات الخوف والهلع البشري..
هل لاحظتم أن هذه الأخيرة تنمو داخلنا لاشعورياً لدرجة بتنا فيها نخشى الاقتراب والدنو ممن نحب..؟
ويبدو أن كل ما يحصل ليس سوى مقدّمة لتكريس أنماط الحب عن بعد أو الحب النائي الذي كان تحدّث عنه أولريش بك واليزابيث بك غرنزهايم، في كتابهما الذي ألقيا الضوء عبره على أنماط حياتية في عصر العولمة.
الآن.. نحن في حالة تعويم حقيقية لهذا النوع من الحب بحجة حماية صحتنا..
لكن أي نوع من الصحة يمكن لها مقاومة أي مرض دون وجود الحب حاضناً أول لها..؟!
كل ما يجري ينتهي محاولاتٍ لتكبيل أزمنتنا.. الزمن الخاص بكل منّا.. ولو إلى حين..
يتوقف الوقت عن انسيابيته المعهودة إلى حالة من التقاطر المتثاقل.. وكأننا نحيا لطخات من وقت تتكثّف فيها المشاعر.. ثم نعود إلى تجفافها وتفريزها من جديد.