الثورة أون لاين-فاتن دعبول:
ويتجلى الشعر حبا ووطنا جمعهم هاجس الشعر والوطن، فالتقوا في مهرجانهم الشعري يبحرون عبر قصائدهم في عوالم العشق الإنساني، لإيمانهم بأن الشعر ديوانهم والوعاء الذي يحمل مكنونات النفس والعقل والقلب.
شعراء جمعتهم قضايا الوطن وهموم العشق في مركز ثقافي” كفر سوسة” رغم تحديات الوضع الصحي الذي بات ضيفا ثقيلا على حياتنا ، ولكنها إرادة الحياة التي ماتزال تنبض في عروقنا وتدفعنا في كل مرة للبدء من جديد.
وبين محمد خالد الخضر في إدارته للمهرجان الشعري أهمية اللقاءات الأدبية التي تنعش المشهد الثقافي وتغنيه بالأصوات الجديدة المتكئة على الأصالة والالتزام، وهي سلسلة من الأمسيات الشعرية والجلسات الفكرية والندوات الأدبية تضم قامات سورية في الفنون الثقافية كافة.
وفي افتتاحه للمهرجان الشهري أكد مالك صقور رئيس اتحاد الكتاب العرب أنه رغم السنوات التسع العجاف فسورية مازالت بخير على الرغم من كل ماجرى ويجري فيها من تحديات، وهنا لابد ان يكون الشعراء والأدباء أيضا بخير.
ورأى ان رقي الامم لا يقاس ليس بعدد حاملات الطائرات والمدافع وآليات التدمير، بل بعدد الفنانين والشعراء والأدباء، ونفتخر في سورية بأن عددهم كبير، ونفتخر في الآن نفسه بعطاءاتهم التي ظهرت جلية في سنوات الحرب.
وأثنى بدوره على دور الشعر والشعراء وأهمية أن يكون الشاعر نبض مجتمعه، فالقصيدة على حد تعبيره هي اللغة الفصيحة، الصورة الزاهية والموضوع الجوهري، والشعر هو هذا العذاب الشهي.
شارك في المهرجان الشعري الشاعر قحطان بيرقدار رئيس تحرير مجلة أسامة ومن قصيدته” وجه حكايتي نقتطف:
في دمعة ولدت من اللاوعي
أغمس ريشتي .. لأخط أحداث الحكاية .. مثلما رويت
قبيل الشهقة الأولى لتاريخ الضباب
حاولت أن أبقى على درب الحياد
شهادتي في عالم الأسرار .. يقبلها القضاة
فلست ممن يثملون .. وإن تجرعت الكؤوس جميعها
منذ الكروم .. وليس لي هدف سوى .. ألا تموت حكايتي مهما انثنى جسدي .. ومال إلى الغياب.
وتوقف د. ثائر زين الدين مدير الهيئة العامة السورية للكتاب في قصائده عند مشاهد عديدة نذكر منها:
لاشيء يدعوك لهذا الخوف
هذي الرعدة الخرقاء
لاشيء سوى حطام .. نعم .. نعم.. وكف طفل برزت كراية ذابلة .. فوق الركام
وفي المشهد 10 يقول:
صعدوا الحافلة .. فتشوها
تملوا وجوه النساء .. الرجال، بطاقاتهم
وبفوهة البندقية نبه أطولهم لحية امرأة غافية:
أصلحي فوق رأسك هذي الملاءة!
ثم تعالي صراخ فتى .. سحبوه كما تسحب الشاة:
عندي طفلان .. وامرأتي حامل” يتوسل” .. ولم أؤذ عصفورة
ماحملت السلاح على أحد .. لم يقودوه أبعد من خطوتين
بكى .. انكب فوق مداساتهم .. ضحكوا وأشاروا لسائقنا أن يسير
وكبر قائدهم، ثم ضج الرصاص .. بكت جارتي
وعلا صوت شيخ .. إلى أين ستأخذنا هذه السافلة.
وفي قصيدته” لااعرف” يأخذنا محمد كنايسي رئيس تحرير جريدة البعث إلى عالم من الصدق الشاعري النابع من أعماقه، يقول:
لاأعرف كم لونا في عينيك
ولا كم نهدا تمتلكين
لاأعرف هل صوتك
أول ماء يغرق
أم آخر نار تحرق
لاأعرف هل ثغرك غابة أرز .. أم بحر كروم وعراجين
لاأعرف خصرا إلا خصرك .. يفعل فعل السكين
لاأعرف أن عبير القبلة من شفتيك .. يدوم قرونا وقرون
لاأعرف كيف يكلمني النرجس والعصفور ويولد من قدميك النسرين
لاأعرف من أنت ولا من أين أتيت ولاأين تقيمين
لاأعرف لاأعرف إلا أني حين عرفتك
أصبحت كبير الممسوسين.
ومن مشاركة الشاعر أسامة شحادة نقتطف:
متسول .. لا لست لا .. متسولا
بالأمس كنا نشبع الخبز الطري
ترى الجمال بخدنا متسربلا .. ضحكاتنا نحو العلا
ويكاد لون النار في وجناتنا أن يثملا كي يثملا
لا لست لا .. متسولا
ماعدت أعرف كيف أطعم صبيتي
ويكاد ورد صفائهم ان يذبلا .. مع ذا وذا .. لا لست لا متسولا
أهرقت كامل صحتي في ضمهم .. في همهم .. في ري آيات الجمال وشمهم .. هل لي بذا أن أسألا
نهبت حياتي اليوم .. أو بالأمس، لاأدري متى
وأخاف من غول سيأتي .. بل أتى .. فإلى متى؟