الثورة – سعاد زاهر:
انطلق معرض “لوبان” الذي ينظمه منتدى خيزران الثقافي اليوم، جامعاً نخبة من الفنانين السوريين من مختلف المحافظات. يُقدّم المعرض رسالة سلام ومحبة وأخوة بين أبناء الوطن الواحد. يستمر المعرض لمدة ثلاثة أيام، بمشاركة فنّانين من إدلب وسلمية وعفرين، ليكون منصة لتلاقي الإبداع الفني والتعبير الإنساني عن هموم وآمال الشعب السوري.

الفكر والإحساس يلتقيان في اللوحة
الفنان عمار سفلو يقدم في المعرض تجربة مختلفة، حيث تمزج لوحاته بين التعبيرية والتكعيبية، لتصبح كل لوحة تجربة حسية تتفاعل مع المشاهد من الداخل. يربط سفلو بين الفكر والإحساس، ليحوّل اللوحة إلى حوار بين العقل والوجدان، بين التحليل والتجربة الحسية. في لوحاته، تتشابك الخطوط الهندسية المكعبة مع ضربات الفرشاة التعبيرية، فتتشكل مساحة بصرية ديناميكية تتنفس بين الانضباط والفوضى، بين التفكير العميق والانفعالات المتدفقة. كل لوحة بالنسبة لسفلو هي محاولة لتوصيل فكرة عبر شعور، وشعور عبر فكرة، لتصبح التجربة الفنية أكثر من مجرد شكل بصري، بل رسالة شخصية وفكرية في آن واحد. تمنح المشاهد مساحة واسعة للتفاعل مع العمل بأسلوبه الخاص، وتفتح بابا للحوار الداخلي حول معنى الإنسان وحياته ومصيره.
ألوان سوريا بين التعبير والرمزية
الفنان التشكيلي معن علي سعيد، عضو اتحاد الفنانين التشكيليين فرع حماة وعضو مؤسس في جمعية “بصمة” بسلمية، يرى في المعرض محطة فنية تمثل سوريا كلها. يقول الفنان إن المكان في إدلب، مدينة الفن والتاريخ والعراقة، يضيف بُعدا خاصًا للمعرض، واسم “لوبان” ينسجم مع روح المكان. يشارك معن بـ 12 لوحة تمثل أسلوبه التعبيري، حيث يغوص في العوالم الداخلية للإنسان السوري بين الألم والرجاء، بين الحزن والكرامة. من أبرز أعماله لوحة تصوّر شخصاً أمام مزهرية وسنابل قمح؛ العريّ يرمز إلى الجوع والهلاك، بينما تمثل المزهرية وسنابل القمح الخير الكامن، رغم الفقر والعوز. المفارقة هنا تكمن في قدرة الإنسان على الحفاظ على كرامته وسط الجوع والقهر، وكأن اللوحة تحكي سر صمود الروح السورية. بالإضافة إلى ذلك، يقدم معن بورتريه لفان غوخ بأسلوبه الخاص، ولوحة عن الفقد والخيال، حيث يرقص الغائبون في عزلتهم، ويسردون له قصصهم وكأنهم لم يرحلوا أبدًا.
حكاية النزوح والأمل
بعد 13 عاماً من الغياب والعمل في تركيا، عاد الفنان أحمد كبار ليشارك في المعرض بانطلاقة جديدة. خلال غيابه، أسس كبار جمعية “شام الفنون” في إسطنبول وأدار أنشطتها، وشارك في نحو خمسين معرضًا داخل تركيا وخارجها. تمثل العودة إلى سوريا لحظة شخصية وجمالية، حيث يأمل في تقديم رسالة عن الجمال والحياة، وقدرة الفن على توثيق الوجع والأمل. يشارك كبار بستة أعمال متنوعة، من بينها لوحتان بالقلم الرصاص مستوحاة من أعمال عالمية، ولوحة “البيوت المغتصبة” التي تعكس معاناة من سلبت بيوتهم، ولوحات عن الإنسان الفقير الساعي لحياة كريمة، ولوحة “السلام”، ولوحة أخرى تصوّر فتاة تطلّ من نافذتها على القرية التي تركتها، بين الحزن والأمل، تعبيرًا عن تجربة النزوح الطويلة التي عاشها السوريون على مدى 14 عاماً.
وأخيراً، لوحة “لحن الروح” التي تعكس الأرواح المتعطلة أو التي رحلت، لتسمع موسيقا الروح والعلاقة العميقة بينها وبين التأمل الفني والموسيقا الصوفية.