سنوات طويلة، والشتاء السوري يأتي ثقيلاً، محملاً بالأعباء التي يعجز السواد الأعظم عن تلبيتها من دفء و مؤونة و كساء، تمنح هذا الفصل جمالية خصوصيته، وذلك لأسباب يعرفها القاصي والداني، ولكن عندما تجدد الأمل بانفراجات اقتصادية ومعيشية، بدأت ملامحها بخطوات مهمة في مقدمتها رفع أجور العاملين في الدولة بنسبة غير مسبوقة، تعشّم المواطن أن يواكبها ثبات الأسعار، الذي لطالما كان ضالة أي استقرار معيشي مأمول، خاصة بعد أن تمّ تحرير استهلاك الخبز والمحروقات من قيود الحضور المقنن في الأسواق، إلا أن هذه الخطوة رغم أهميتها فرضت على شريحة منهكة بفعل مجمل ظروف سنوات الحرب الثقيلة من تهجير ونزوح وضيق حال وأمراض، فرضت تلبية احتياجاتها الأساسية بالقيمة السعرية الجديدة، التي طالت مؤخرًا استهلاك الطاقة الكهربائية لتكمل دائرة الأعباء، فالمواطن الذي قضى سنوات طويلة في صراع يومي مع تقليص احتياجاته المعيشية من خبز ودفء وغذاء وكساء ومواصلات، للوصول إلى معادلة شبه مستحيلة ما بين الإنفاق والاستهلاك، أكثر ما يعنيه أن يشعر بالأثر المباشر لتلك الإصلاحات الاقتصادية على حياته اليومية.
وبيت القصيد هنا، أن من لا يملك سوى ما يسدّ الرمق عبر تلك السنوات القاحلة، ليس مهيئًا اليوم لامتلاك مفاتيح الصبر للوصول إلى نتائج ملموسة للانفراجات الاقتصادية التي تسعى الحكومة إليها بدأب ومثابرة، وبالتالي فإن تأمين احتياجات من هم تحت خط الفقر بما يتوافق مع إمكانياتهم المحدودة، تعتبر أولوية واجبة في ظل المتغيرات في أسعار تلك الاحتياجات، وكل ما يتحقق بعدها من خطوات تُعنى بالاستثمار والنهوض وإعادة الإعمار، بما يحتاجه من زمن ومراحل يأتي في مساحة مريحة من الصبر، على أرضية الدعم الحكومي الذي يعزز تنامي الشعور بدفء المواطنة، وإعادة الثقة بين المواطن والمسؤول.