الثورة – إيمان زرزور :
يستعد رئيس الجمهورية السيد أحمد الشرع لإجراء زيارة رسمية إلى البيت الأبيض خلال الأيام المقبلة، ليصبح بذلك أول رئيس سوري يزور العاصمة الأميركية منذ استقلال البلاد عن الاحتلال الفرنسي عام 1946، في خطوة توصف بأنها تحوّل مفصلي في مسار العلاقات السورية-الأميركية بعد سنوات طويلة من القطيعة والتوتر.
ويأتي هذا التطور بعد لقاءين جمعا الرئيس الشرع بالرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال العام الجاري؛ الأول في العاصمة السعودية الرياض في مايو 2025، والثاني في نيويورك على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول الماضي، وقد اعتُبر هذان اللقاءان بمثابة أساس لبداية مسار انفتاح دبلوماسي جديد بين دمشق وواشنطن.
وتشير مصادر دبلوماسية إلى أن ملفات رفع العقوبات، وإعادة دمج سوريا في النظام المالي الدولي، وإطلاق مشاريع لإعادة الإعمار ستكون محور المحادثات المرتقبة، إلى جانب مناقشة التعاون الأمني والجهود المشتركة لمحاربة الإرهاب وتعزيز الاستقرار في المنطقة.
وتأتي الزيارة أيضاً في ظل مناقشات داخل مجلس الأمن الدولي بشأن مشروع قرار أميركي لرفع العقوبات المفروضة على عدد من كبار المسؤولين السوريين، وفي وقت تشهد فيه الساحة الدولية تبدلات في المواقف تجاه الملف السوري، مع بروز توجه يدعو إلى دعم إعادة الاستقرار وبناء مؤسسات الدولة.
يمثل دخول رئيس سوري إلى البيت الأبيض للمرة الأولى منذ استقلال البلاد، تحولاً رمزياً وسياسياً عميقاً، يُنهي عملياً مرحلة طويلة من العزلة الدولية، ويشير إلى بدء مسار جديد من العلاقات القائمة على الشراكة بدل المواجهة.
وبحسب التحليلات، فإن واشنطن تراهن على أن التعاون مع دمشق سيسهم في تخفيف أزمات الهجرة، ومكافحة المخدرات، وتحجيم نفوذ القوى غير الحكومية في المنطقة، بينما تسعى سوريا إلى حشد دعم دولي لإعادة الإعمار ورفع القيود الاقتصادية عن قطاعاتها الخدمية والإنتاجية.
وتؤكد أوساط سياسية أن نتائج الزيارة ستكون ذات تأثير مباشر على الوضع الداخلي السوري وعلى شكل الاصطفافات الإقليمية في المرحلة المقبلة، في ظل آمال معلقة على أن يشكل الانفتاح السياسي مدخلاً لمرحلة تعافٍ وطني أوسع.
تأتي الزيارة المرتقبة للرئيس أحمد الشرع إلى البيت الأبيض تتويجاً لمسار تحوّل تدريجي في العلاقات بين دمشق وواشنطن منذ سقوط نظام بشار الأسد في كانون الأول 2024، وهو الحدث الذي أعاد صياغة موقع سوريا الإقليمي وطبيعة مقاربات المجتمع الدولي تجاهها.
فبعد سنوات من القطيعة والعقوبات المشددة، وعلى رأسها قانون قيصر، أعادت الإدارة الأميركية تقييم سياستها في سوريا، معتبرة أن الحكومة الجديدة تتيح فرصة لبناء شراكة قائمة على الاستقرار ومحاربة الإرهاب وإعادة الإعمار، وقد بدأ هذا التحول عملياً عبر استئناف الاتصالات الدبلوماسية، ثم اللقاءين اللذين جمعا الرئيس الشرع بالرئيس ترامب في الرياض ونيويورك خلال عام 2025.
وترافق ذلك مع إصدار واشنطن قراراً بتعليق جزء من العقوبات، مقابل تعاون سوري في ملفات الأمن، مكافحة تنظيم داعش، معالجة ملف المفقودين، وإعادة بناء المؤسسات الخدمية، كما أبدت الولايات المتحدة استعداداً لدعم عودة سوريا إلى النظام المالي الدولي وتسهيل الاستثمارات الإقليمية والدولية، بالتنسيق مع شركاء عرب وأوروبيين.
ويرى مراقبون أن زيارة الشرع إلى البيت الأبيض ستشكل محطة مفصلية في تثبيت هذا التحول، من خلال الانتقال من مرحلة “التواصل السياسي المحدود” إلى صياغة تفاهمات استراتيجية تتعلق بإعادة الإعمار، ورفع العقوبات بشكل تدريجي، وإعادة دمج سوريا في منظومة العلاقات الإقليمية والدولية.