الثورة-سهى درويش:
مدينة أوغاريت تاريخ يعبق بعطر الحضارة التي نثرت رحيق عبيرها في العالم القديم، وعلى مينائها “المينا البيضا” كانت السفن التجارية تُحمّل كنوزاً لا تعدّ ولا تُحصى من العطور والزيوت العطرية والطبية.
وللحديث عن عطور التاريخ التقت صحيفة “الثورة” مع الباحث الأثري الدكتور غسان القيّم، الذي أشار إلى قيمة العطور في مدينة أوغاريت قديماً وفق ما هو معروف عنها، حيث الروائح تملأ الأسواق من مسك الأزهار وزيوت الأعشاب والعطور اليومية، تلك المخصصة للاحتفالات والمناسبات الكبرى. ونوّه القيم إلى أن النصوص الفخارية المكتشفة في أوغاريت والتي تمت ترجمتها بعناية تكشف أن المدينة لم تكن مجرد مركز تجاري محلي، بل بوابة للعالم القديم، فالسفن المحمّلة بالعطور كانت تتجه إلى الممالك السورية المجاورة وإلى بلاد الأناضول واليونان وقبرص حاملة معها أكثر من ٣٥٠ صنفاً من الزيوت والعطور التي صنعها أهل أوغاريت بفن ومهارة فائقة، وكل عبوة كانت أكثر من مجرد منتج، هي رسالة تنقل عبق المدينة وروحها وتروي قصة العلماء والحرفيين الذين ابتكروا وصفاتها بعناية فائقة.
وأضاف بأن العطر لم يكن مجرد مادة، بل أداة تواصل بين الشعوب وجسراً حضارياً يربط الثقافات ووسيلة لتسويق الابتكار والمعرفة، وبذلك منحت أوغاريت العالم القديم فرصة لشمّ عبق حضارتها لتبقى في ذاكرة التاريخ كمدينة لا تعرف حدوداً في طموحها وإبداعها.