الثورة أون لاين:
أصبحت الظروف المناخيّة أشدّ منذ بدء التحوّل الصناعي في العالم، وأدّى ذلك إلى آثار مدمّرة على النظم البيئية ومختلف الأنواع، ويهدّد تغيّر المناخ اليوم قابلية الحياة على سطح الأرض.
وأدهشت التغيّرات الجديدة في القارة القطبيّة الجنوبيّة المجتمع العلمي، إذ ظهرت طحالب ثلجيّة حوّلت الثلج إلى اللون الأخضر، وما زال انتشارها اليوم في تزايد، ويرى العلماء أنّ هذه الطحالب قد تؤثّر على النظام البيئي في القارة المتجمّدة.
فقد ارتفع متوسط درجة الحرارة في القارة القطبية الجنوبية بنحو 3 درجات مئوية خلال العقود الخمسة الماضية، وفقاً لتقديرات العلماء. ولا يبدو هذا التغير في درجات الحرارة هائلاً للوهلة الأولى، لكنّه يمثّل نحو 5 أضعاف متوسط معدّل الاحتباس الحراري في الكوكب.
وتعدّ شبه الجزيرة القطبية الجنوبية القسم الأكثر تأثّراً في القارة، وتتكوّن من سلسلة من الجبال والبراكين، ويبلغ طولها 1300 كيلومتر، وتشكّل الجزء الشمالي من البرّ الرئيس للقارة القطبيّة الجنوبيّة، وهي من أسرع الأماكن ارتفاعاً في درجة الحرارة في القارة القطبية الجنوبية والعالم كلّه، وسجّل العلماء أحد أدفأ الأيام في شبه الجزيرة في العام الحالي، إذ بلغت درجة الحرارة 20.75 درجة مئوية، وهي درجة مرتفعة جداً في القارة القطبيّة الجنوبيّة.
حيث فقدت القارة نحو 25 ألف كيلومتر مربع من الجرف الجليدي منذ خمسينيات القرن الماضي، ويتسبّب ذوبان جليد القارة القطبيّة الجنوبيّة بنمو فائض للطحالب وارتفاع مستوى سطح البحر وتغيّر الملوحة، ما قد يؤثّر على الكائنات البحرية، ومنها البطاريق، والتي تعتمد على النظام البيئي للقارة.
وأجرى باحثون دراسة استخدموا فيها بيانات الأقمار الاصطناعية وعمليات رصد أرضية على مدار صيفين في القارة القطبية الجنوبية لتحديد كميات الطحالب الثلجية الخضراء وحيدة الخلية، والتي تنتشر في المناطق القطبية.
ووصل تكاثر الطحالب إلى درجة مذهلة، وبدأت هذه الطحالب تلوّن مساحات كبيرة من الساحل الغربي لشبه الجزيرة القطبيّة الجنوبيّة والجزر القريبة منها.
وخلافاً لما يظنّه كثيرون، فالقارّة القطبيّة الجنوبيّة مليئة بالكائنات البريّة والبحريّة، ويوجد ما يقدّر بنحو 46 نوعاً من الطيور في القارة، ومنها طيور القطرس والبط والبطاريق.
وتزدهر أنواع الطيور هذه في شبه الجزيرة خلال مواسم التكاثر القصيرة، وقد يساهم ذلك أيضاً في انتشار الطحالب الخضراء.
ويتطلّب انتشار هذه الطحالب في القارّة القطبيّة الجنوبيّة مزيجاً من أشعة الشمس والمغذّيات، ومنها الحديد.
ويتوقّع الباحثون انتشار الطحالب بصورة أكبر في شبه الجزيرة القطبيّة الجنوبيّة، وقد يكون لذلك آثار نافعة، إذ تساعد الطحالب في التخلّص من الكربون، ولكن قد يختفي عدد كبير من حقول الطحالب في الجزر المنخفضة إن ذاب الثلج الموجود تحتها تماماً.
ولا يستطيع العلماء اليوم التنبّؤ بدقّة بما قد تحمله هذه التغييرات على القارة القطبيّة الجنوبيّة وعلى كوكب الأرض، وتأثيرها المحتمل على البشر وبقيّة الكائنات الحيّة.