ثورة أون لاين – ترجمة _ ميساء وسوف :
اقتحم مسؤولو إنفاذ القانون الأميركيون مجمع القنصلية الصينية في هيوستن الشهر الماضي منتهكين بشكل صارخ الاتفاقيات الدبلوماسية الدولية .
فقد أمرت الحكومة الأميركية بإغلاق القنصلية الصينية في هيوستن تحت ذريعة سخيفة “حماية الملكية الفكرية الأميركية والمعلومات الأميركية الخاصة”. ودفعت هذه الخطوة بالهجمات الأميركية ضد الصين إلى منحى جديد وبعيد كل البعد عن أسس الحضارة الدبلوماسية والإنسانية.
بالنظر إلى تاريخ العلاقة بين الولايات المتحدة والصين، لابد أن يكون العالم قد رأى بوضوح كيف كانت واشنطن هي البادئة دوماً باستفزازاتها لبكين بهدف دفع العلاقات معها إلى حرب باردة جديدة. ومن الواضح أيضاً أن الصين دائماً في الجانب الدفاعي، حيث أن جميع إجراءاتها هي الإجراءات المضادة، ولكنها في الجانب الصحيح من العدالة الدولية والتي يتم تنفيذها من أجل حماية مصالحها الوطنية، ولم يحدث أن قامت الصين ولا مرة بالاستفزاز أولاً .
أمرت الصين بإغلاق القنصلية الأميركية في تشنغدو بمقاطعة سيتشوان، وكما فعلت الولايات المتحدة، قام الجانب الصيني أيضًا بتحديد مدة 72 ساعة للإغلاق. إنه بلا شك انتقام متبادل يقوم على القواعد الدبلوماسية.
بدأت الإدارة الاميركية ومنذ قرابة العامين بإثارة الاضطرابات في علاقاتها مع الصين، هناك بالفعل العديد من الاختلافات بين الصين والولايات المتحدة، ولكن هل للإدارة الأميركية الحالية الحق في دفع القوتين العظميين إلى مواجهة واسعة النطاق وجر المجتمع البشري إلى عصر جديد من الحروب والصراعات؟.
تمارس الصين ضبط النفس الاستراتيجي تجاه الولايات المتحدة على أساس فلسفتها الخاصة. وبكين لاترد أبداً إلا بعد تعرضها للهجوم من قبل واشنطن. لكن العالم كله أصبح يعي تماماً أن الصين دولة قوية ذات قدرات وقطاعات صناعية قوية ومتكاملة. إنها قوة نووية لديها القدرة على الرد دائماً بالضربة الثانية، وعندما يتعلق الأمر بمصالحها الأساسية، فإن لدى الصين الإرادة الكافية للصد والتعامل مع جميع التحديات.
يتساءل الكثيرون: إلى أي مدى ستستمر المواجهة الصينية الأميركية الحالية؟ هل ستنتهي هذه المواجهة بشن حرب باردة جديدة؟ هل ستكون هناك صراعات عسكرية وهل ستتطور الاشتباكات المحتملة إلى مواجهة عسكرية واسعة النطاق بينهما؟.
ربما يعتقد الجميع أن الصين لا تريد حرباً باردة جديدة، ناهيك عن حرب ساخنة. لكن الأسئلة المذكورة أعلاه أصبحت مثيرة للقلق لأنه لا أحد يعرف مدى طموحات الفريق الحاكم الأميركي الآن، وما إذا كانت المجتمعات الأميركية والدولية قادرة على كبح طموحاتها.
معظم الأميركيين لا يريدون أن تندلع الحرب بين البلدين، ولكن في نفس الوقت قد تستغل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب شعبوية الأميركيين واستياءهم من التطور السريع للصين. يعتقد الشعب الأميركي أن مسؤولي الحكومة الأميركية يعرفون إلى أي مدى يجب عليهم الذهاب وماهي الحدود التي يجب أن يتوقفوا عندها. لكن الحقيقة هي أن هؤلاء المسؤولين يواصلون دفع العلاقات الصينية الأميركية إلى وضع يائس واختلاق الذرائع حتى تتكون لديهم الجرأة على إشعال الحرب معها.
ومن ناحية أخرى فإن بعض الدول تعتبر أن المواجهة الصينية الأميركية فرصة لتوسيع مجالها الاستراتيجي. فالدول الغربية، التي لديها خلافات أيديولوجية متأصلة مع الصين، لا تملك أدنى فكرة عن هدف واشنطن القبيح تحت ستار ادعاءاتها الكاذبة من أجل محاربة “طغيان جديد” من قبل الصين. إنهم يميلون إلى الإذعان للتحركات الأميركية الصارخة التي تهدد السلام العالمي، فهذه الدول ليس لها بديل سوى التعاون مع الولايات المتحدة بسبب تهديدات واشنطن لها وسيطرتها الكاملة عليها.
الصين ليست مخطئة وهي دائما في موقف المدافع. ولكن إذا كانت واشنطن مصممة على دفع العلاقات الصينية الأميركية إلى أسوأ الاتجاهات فإن القرن الحادي والعشرين سيكون أكثر قتامة وأكثر تفجراً من حقبة الحرب الباردة وقد تؤدي الشرارات العرضية إلى كارثة غير مسبوقة في العالم ككل. ويجب على العالم أن يبدأ في التصرف وأن يفعل ما بوسعه لوقف هستيريا واشنطن في علاقاتها مع الصين.
في الوقت الحالي ، لم يعد الأمر يتعلق بما إذا كانت العلاقات الصينية الأميركية في حالة سقوط حر، ولكن الأمر أخطر من هذا بكثير فقد اخترقت واشنطن خط الدفاع عن السلام العالمي. فالسياسة التي تمارسها مجموعة من المسؤولين والسياسيين الأميركيين والتي أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها هستيرية ستجر العالم إلى حروب لانهاية لها. لهذا يجب منعهم من السيطرة على العالم حتى لا تتكرر المآسي التي حدثت في الأعوام 1910 و 1930 مرة أخرى.
المصدر Global Times
