هل المشهد “العربي” والإقليمي والدولي بات مهيئاً وجاهزاً لاستمرار المشروع الصهيو- أميركي في المنطقة؟، وهل الرهان الأميركي على مواصلة استهداف محور المقاومة، والرهان أيضاً على مسألة توظيف الأدوات المستعربة والإقليمية والدولية والمرتزقة، مازال قائماً لتثبيت دعائم هذا المشروع الاستعماري والفوضوي؟، أم أن التطورات السياسية والعسكرية المتسارعة تشير إلى أن هذا المشروع يمر بمرحلة موت سريري، وأن ما يحصل من تطورات هي حلول إسعافية مؤقتة لإنقاذ أصحاب هذا المشروع من مآزقهم السياسية والانتخابية؟، هذه الأسئلة تفرضها المساعي الأميركية والصهيونية الحثيثة لفرض متغيرات عبثية، تهدف لخلق واقع جديد على الأرض يشرعن الاحتلال، ويكرس وجوده غير الشرعي.
بعد فشل الرهان على إضعاف سورية بخنجر الإرهاب، والفشل بإسقاط دورها من المعادلات، والحسابات السياسية والعسكرية، يبدو أن القائمين على مشروع الإرهاب الأميركي والصهيوني، يعمدون لتغيير الأولويات في استراتيجيتهم الهدامة، للحفاظ على أمن الكيان الصهيوني، وعلى مصالح الغرب الاستعماري في المنطقة، وبوابة التطبيع المجاني لتشكيل -أو بالأحرى تثبيت- تحالفات قديمة جديدة تمهد لمواجهات قادمة، إحدى هذه الأولويات وخطوات التطبيع التي يسعى إليها الكيان الصهيوني مع بعض الأنظمة تصب في هذا الاتجاه.
خطوات التطبيع مع بعض دول المنطقة لا تزال تشكل رأس الحربة الصهيونية باستهداف سورية إلى جانب دول محور المقاومة، وربما تظهر هذه الاتفاقات قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية القادمة، فإنقاذ ترامب من مأزقه الانتخابي على رأس أولويات تلك الأنظمة، ولكن ما هو الثمن المقابل التي ستجنيه تلك الأنظمة غير الحفاظ على عروشها وكراسيها، واستمرار صلاحيتها، فأي اتفاق مع العدو الصهيوني يعني شرعنة احتلاله وجرائمه، وأيضاً التخلي الكامل عن الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة، وهذا ليس بجديد على تلك الأنظمة المرتهنة، وهذا يقود لحقيقة أن التطبيع يأتي ضمن إطار مشروع تشكيل جبهة عدوان ضد محور المقاومة، يكون للكيان الصهيوني اليد الطولى فيها، وربما الإعلان عن بعض حلقاته بالتزامن مع الذكرى الرابعة عشرة للانتصار في حرب تموز على العدو الإسرائيلي الذي لا يزال يعيش آثار الهزيمة العسكرية والنفسية التي لحقت به حتى اليوم يدعم كلامنا هذا، والأكثر من ذلك أنه يأتي بعد فشل تمرير” صفقة القرن” بفعل الصمود السوري، ولكن هل سيكون لمثل هذا التطبيع المجاني تأثير على قوة وقدرة محور المقاومة؟، الحقائق والمعطيات تؤكد أنه سيزيده قوة ومناعة، وأكثر تمسكاً بخياره المقاوم، وهذا بدوره سيعكس مواجهة أشد صلابة ضد بقايا المشروع الصهيو-أميركي.
الكثير من الدول وفي مقدمتها الأوروبية تبررخطوات التطبيع، تحت مبرر أنه خطوة نحو “السلام” الشامل في المنطقة، وهذا يدل على مدى قوة الضغط الأميركي والصهيوني على تلك الدول لجهة عملية السلام، لأن هذه العملية لا يمكن تحقيقها إلا بزوال الاحتلال وتحرير الأرض، واستعادة الحقوق المسلوبة، وليس باتفاقات هزلية بين العدو الصهيوني وأنظمة لا تملك حق الوصاية على الشعب الفلسطيني، وبالتالي فإن ما يسعى له القائمون على المشروع الصهيو-أميركي الفوضوي والهدام سيكون مصيره الفشل مهما حشدوا له من دول وجبهات إضافية، لأن مصير المنطقة يرسمه شعوبها الحية المقاومة، ألم يُفشل الشعب السوري بصموده الأسطوري هذا المشروع، ونصر سورية القريب على الإرهاب وداعميه، ألا يعتبر نصراً لفلسطين وقضيتها، ولكل الشعوب المستهدفة بمشروع الإرهاب الأميركي والصهيوني؟.. الحقيقة واضحة للقاصي والداني.
نبض الحدث- بقلم أمين التحرير ناصر منذر