ثورة أون لاين :
مثّلت الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الحكومات حول العالم اختباراً حقيقيّاً للبشرية إذ تضرّرت اقتصادات دول العالم، وواجه أصحاب الدخول الشحيحة أزمة كبرى تهدد حياتهم.
وفي خطوة ضمن خطوات انعاش الحياة من جديد أطلق عمدة العاصمة الليتوانية «فيلنيوس»، مبادرة من أجل التخفيف عن الضغوط المالية التي تعرّض لها أصحاب المقاهي لذا سمحت للمؤسسات العاملة في مجال السياحة – مطاعم ومقاهٍ – إمكانية استخدام الساحات العامة لتقديم المأكولات والمشروبات، دون وضع قيود أو دفع مقابل مادي جراء استغلالها للساحات العامة وهو ما تسبّب في انتعاشة كبيرة لأصحاب المقاهي والمطاعم.
وعلى الفور بدأت المقاهي والمطاعم في العمل ضمن نطاق المبادرة بالتنسيق مع السلطات الليتوانية، إذ حسب تصريح عمدة المدينة اشترك نحو 400 مقهى ومطعم في المبادرة فور إطلاقها.
في بادئ الأمر كان ظهور المواطنين على المقاهي وفي الحانات قليل لكن مع تواجد المقاعد والطاولات في عرض الطريق بدأ تزايد المواطنين على المقاهي، وتحوّلت المدينة إلى مقهى كبير يضمّ مئات المطاعم والمقاهي والحانات التي فتحت أبوابها مع وجود إجراءات احترازية ضمن إطار مواجهة انتشار فيروس كورونا.
فقد بدأ عدد من المقاهي والمطاعم في تزيين الطرقات العامة ووضع ديكورات خاصة بكلّ مطعم أو حانة من أجل جذب الرواد ما زاد من جمال وبهاء الطرقات، وفجأة مع تزايد الرواد تحوّلت المدينة إلى مقهى كبير يعجّ بالمواطنين.
ساعدت إجراءات الانفتاح التي طبّقتها المدينة على إضفاء الحيوية على المدينة وعودة الأنشطة الليلة إليها من جديد، حيث قدّمت النوادي الليليّة عروضاً موسيقيّة حيّة في عرض الطرقات دون تخوّف من السلطات المحلّية ما جعل الحياة داخل المدينة هوس ينتاب الجميع وجاذب للسياح من المدن المجاورة، فلا يمكن أن تسير في طريق دون أن تجد فرقة استعراضيّة بكامل بهائها تقدّم فقرة استعراضيّة في عرض الطريق.
ويقول بعض رواد المدينة التي تعدّ واحدة من المدن التراثيّة حسب تصنيف اليونسكو: “وجود مقاهٍ ذات طابع فوضوي تعمل في الهواء الطلق، أفضل بكثير من أن تصبح المدينة خاوية على عروشها، لكن إذا أرادت السلطات المحلّية في فيلنيوس أن تتحلّى المدينة بمرونة اقتصادية واجتماعية، فيتوجب عليها أن تنصت أكثر لآراء سكانها”، في إشارة إلى ضرورة وضع مخطط واضح لإقامة الحفلات والاستعراضات الفنية وألّا يتم الأمر دون إشراف من السلطات المحلّية للمدينة.
وعلى الرغم من تحوّل المدينة إلى مقهى عام كبير إلا أن السلطات لم تترك خياراً تجاه اتخاذ كلّ الإجراءات الاحترازية من قبل رواد المقاهي وعدم السماح بالوجود في الساحات دون ارتداء الكمامات، وحظي قرار العمدة بترحيب كبير إذ أعاد الحياة والحيوية إلى المدينة من جديد فضلاً عن إنعاش الاقتصاد المحلّي بشكل مباشر.