ثورة أون لاين-تحقيق: براء الأحمد:انكشفت فوضى الأسعار صبيحة اليوم التالي لصدور القرار 242 الذي يقضي برفع سعر أسطوانة الغاز.
وعلى الرغم من مرور ما يقرب من الشهرين مازلنا نلمس هذا الارتفاع والتفاوت في أسعار بعض المواد الغذائية والمسؤول الأكبر في ذلك
أصحاب المحال والتجار ما يطرح مزيداً من الإشكالات التي تقع كلها على عاتق المواطن العادي وأصحاب الدخل المحدود في ظل غياب الرقابة والتأخر في صدور لوائح جديدة تحدد مدى تكلفة الغاز في تكلفة تلك المواد.
يضاف إلى ما سبق ما تشهده الخدمات وما تقدمه المطاعم بأنواعها الشعبية وذات النجوم.
على ضوء هذه الأوضاع رصدنا الواقع والإجراءات التي قامت أو ستقوم بها الجهات المعنية.
كلنا يعلم أن سعر أسطوانة الغاز قد ارتفع ستين بالمئة بعد صدور القرار وحديثنا اليوم لن يكون عن أسباب الزيادة ولماذا وإنما عن الآثار اليومية لهذا التعديل وانعكاسه على حياة المواطن والقوة الشرائية لديه وعلى مدى صمود راتبه حتى نهاية الشهر أمام جنون ارتفاع أسعار باقي المواد التي يعتبر الغاز بريئاً منها وليس له علاقة بها لا من قريب ولا بعيد وإنما الأسباب والمبررات موجودة عند أصحاب الشأن والتجار.
أصحاب القرار.. الآثار محدودة
وحسب رأي المعنيين فإن هذه الزيادة لن تؤثر على دخل الأسرة ويرون أن آثار التسعيرة محدودة بالنسبة للغاز بسبب عدم حاجة الأسرة لأكثر عن أسطوانة واحدة في الشهر ولكن المشكلة التي غابت عنهم أن معظم العائلات تستخدم الغاز للتدفئة وسيكون تأثير الزيادة عليهم كبيراً ولاسيما أن عطاء الله قد أغدق على الأرض والعباد وقد شهدنا في الأيام الماضية أياماً شتوية بامتياز ومن الصعب التغاضي عن آثار هذه الزيادة على هؤلاء الناس وبالتالي حلول هكذا أزمات تقع على عاتق المواطن العادي وأصحاب الدخل المحدود لأن الميسور لن يمتنع عن شراء الغاز مهما ارتفع سعره.
زيادات من دون رقيب
وإذا عدنا إلى الزيادة التي طرأت على المأكولات الشعبية مثل الفلافل والفول والمسبحة والحمص والجبنة والألبان وسندويش الشاورما وو…
نجد أنها زيادات ليست بسيطة وهي بنظر عامة الناس كبيرة لأنها تضاف إلى قائمة من زيادات بالأسعار لمواد أخرى لادخل للغاز في هذا الأمر وإن تلك المواد الغذائية تدخل ضمن حاجاتهم اليومية والمشكلة أن أصحاب المحال يضعون الزيادة التي تناسب مزاجهم وموقع محالهم وأهمية المنطقة التي يعيشون فيها.
والسؤال لماذا لم تصدر قوائم للأسعار الجديدة لتكون المحاسبة عليها وإنما أن تكون المتابعة والمحاسبة على ضوء السعر القديم لن يكون مجدياً لأن أصحاب المحال يخالفون ولا يضعون الأسعار الجديدة التي اعتمدوها على واجهات محالهم..
المواطنون مزاجية الباعة
في جولتنا الميدانية وفي إحدى الحارات الشعبية رصدنا الواقع وآراء الناس وأصحاب المحال وكانت البداية في محل للألبان والأجبان حيث قال لنا صاحبه إن الأسعار ارتفعت بشكل كبير ولمعظم المواد الاستهلاكية اليومية حيث أشار إلى ارتفاع أسعار أكياس النايلون ما يقارب 40 ليرة للكيلو الواحد مباشرة بعد زيادة الغاز ولأن حاجته لهذه المادة كبيرة لأنها تدخل في صميم عمله اليومي ويستخدمها لوضع الحليب والجبنة، إضافة إلى العلب البلاستيكية التي يستخدمها لتخثير الحليب وحفظ اللبن. ولهذا وحسب رأيه سيضطر لزيادة سعر المادة بسبب تلك الزيادة أما عن سعر الحليب والألبان فقال: هناك زيادة ملحوظة وتختلف من محل لآخر وبالنسبة له فإنه يستهلك عند تحضير اللبن بحدود ليرتين من قيمة الغاز في حين كان سابقاً يحتاج ليرة واحدة.
ولهذا انسحبت هذه الزيادة على المادة بدءاً من توزيعها من قبل مراكز الألبان إلى وصولها للبائع حيث أصبح سعر سطل اللبن الذي وزنه 800 غ ما يقارب 45 ليرة بدلاً من 40 ولهذا سوف يباع للناس بـ 50 ليرة، أي بزيادة عشر ليرات سيدفعها المواطن، هذا إضافة لعدم وجود استقرار في هذا السعر وهو محكوم بمزاجية البائعين أيضاً.
بحجة الغاز
أما أسعار الحبوب من فول ومسبحة وجميع الحبوب فكانت مرتفعة في محلات وعادية في محلات أخرى، بمعنى الزيادة عشر ليرات فقط للكيلو منها.
وخمس ليرات لسندويشة الفلافل زيادة ولكنها حلقت في محلات لتصبح بين 35- 40 ليرة وقد كان سعر الفول أو الحمص يتراوح بين 70- 80 ليرة وبعد التعديل الجديد لسعر الغاز بلغ السعر بـ 120 ليرة أما صحن المسبحة الذي كان يباع بـ 20 ليرة صار بـ 40 ليرة.
وبحجة الغاز أيضا سعر الشاورما ارتفع بشكل كبير والحديث هنا لاحرج فيه لإن أصحاب المحال يعزون الاسباب إلى سعر الغاز الجديد إضافة إلى سعر الفروج غير المستقر.
وأسعار سندويشة الشاروما متفاوته وحسب حجمها حيث بلغ سعر السندويشة 60 ليرة فقط.
أصحاب النفوس الضعيفة
الاستاذ علي ظروف مدير مدرسة عبر عن رأيه بهذا الأمر فقال: تعديل سعر الغاز وتحديده أمر جيد وجاء حلاً للوضع الذي عانى منه الناس لأيام ويكفي هذا أنه أدى إلى توفر المادة حتى لو كانت بـ 500 ليرة وأضاف إن الأهم من هذا كله عوده الآمان والأمن والاستقرار لهذا البلد الحبيب وفيما بعد سوف تحل كل الامور والمشكلات التي تقض مضجع المواطنين وستزول إن شاء الله.
أما ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية فأرجعه لأصحاب النفوس الضعيفة من تجار وأصحاب المحلات حسب تعبيره وقال إن هؤلاء الناس استغلوا الأزمة والوضع الذي نعيشه طمعاً بمزيد من المال والكسب السريع وبرأيه الذي يلعب بقوت الناس هو كغيره ممن يحمل السلاح بوجه أخيه الانسان وهو يساهم أيضا في زيادة الأزمة وتردي الوضع الاقتصادي للمواطن.
أعاد التوازن للسوق
وبالمقابل هناك العديد من المواطنين ممن قابلناهم وجدوا أن تعديل سعر الغاز ساعد على توافر المادة واستقرار سعرها وأعاد التوازن إلى السوق وأصبح بمقدور أي مواطن شراء الاسطوانة يسعرها الجديد 400 بدلا من 800 أو 1000 كما كانت تباع عند بعض التجار وهي مناسبة للجميع ويعتبر سعرها أرخص من أي بلد مجاور مقارنة برواتبهم أيضا.
انخفضت القوة
الشرائية للمواطن
الدكتور بطرس ميالة نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق أشار إلى وجود الاحتكار لدى بعض التجار الذين يتحكمون بالمواد الاساسية وكون مدينة دمشق كبيرة فعملية الاستهلاك فيها كبيرة أيضا والطلب على المواد الأساسية ازداد رغم زيادة الأسعار في معظم المواد الاستهلاكية.
ويرى أن رفع سعر الغاز أدى إلى رفع أسعار تلك المواد وبالتالي أدى إلى تدني معيشة المواطن وعملية رفع السعر جعلت العملية أكثر توازناً ولكن بالوقت ذاته قلت القوة الشرائية للرواتب وهذا سلاح ذو حدين ويعتقد د. ميالة إن وضع ارتفاع الاسعار يجب أن يرافقه رفع للرواتب ويرى مطالبة بعض المواطنين لاستخدام بطاقات خاصة للغاز أنه إجراء مؤقت يمكن الاستفادة منة وخاصة للعائلات المحتاجة ولكن على المدى البعيد يجب أن يعبر السعر عن قوة العرض والطلب وأن يرافق ذلك عدم انخفاض القوة الشرائية لدى المواطنين لأن توفر المواد الاستهلاكية بسعر مرتفع في الوقت الذي لايمكن شراؤها سيخلق أزمة لديه مع مرور الوقت.
تأثر بالسعر الجديد
السيدة وفاء غزي مديرية الاسعار في وزارة الاقتصاد قالت إنها لم تلمس زيادة في أسعار بعض المواد وخصوصاً المعجنات والفطائر والتي يدخل في تصنيعها وتحضيرها الغاز بل حافظت على أسعارها على حد تعبيرها ولكنها رأت في الوقت نفسه أن انعكاس سعر إسطوانه الغاز بعد تعديله على بعض المواد التي يدخل أو يستعمل الغاز في انتاجها سوف يتأثر حسب دخول تكلفة الغاز في تكلفة هذه المواد حصراً وبنسب متفاوته وحسب نوع كل مادة وقالت إن أسعار السندويش بكافة أنواعها والمطاعم الشعبية والوجبات السريعة تحدد قوائم أسعارها من قبل مديريات الاقتصاد والتجارة في كل محافظة. أما في وزارة الاقتصاد فيقوم جهاز حماية المستهلاك بمثاب اتخاذ الاجراءات القانونية بحق المخالفين.
مديرية الريف:
لم ترفع الأسعار
وبدورها مديرية الاقتصاد والتجارة بريف دمشق أكدت عدم صدور لوائح جديدة بالأسعار حتى الآن وبالتالي لا مبرر لزيادة أسعار بعض المواد. وإن وجدت بعض المحال قد قامت برفع أسعارها فهذا غير مقبول ويتم متابعته بشكل يومي، وكل الشكاوى التي ترد إلى المديرية بهذا الخصوص تدرس ويتم متابعتها.
وعن سبب التأخير في تعديل الأسعار بشكل مدروس بررت المديرية هذا بأن انعكاسات رفع سعر الغاز على بعض المواد الاستهلاكية كانت بسيطة.
وهنك ارتفاعات بالأسعار مبررة وتقوم المديرية بدراسة تعديل جدول التسعيرة الشامل السنوي الذي يشمل كل المواد. لمواكبة التعديل الجديد لبعض منها وسيؤخذ بعين الاعتبار مستلزمات وأدوات التكلفة الجديدة ولاسيما الغاز وبعد نشرها سوف تبلغ الجهات والفعاليات صاحبة الشأن بالتسعيرة الجديدة مع المتابعة اللحظية للموضوع. أما الآن وحسب تأكيد المديرية فإنه يتم متابعة الأسواق على التسعيرة القديمة فقط، أي قبل زيادة الغاز. أما الفروج المشوي الذي يعتمد على الغاز في طهوه فهناك نشرة اسبوعية تواكب التعديلات الجديدة بشأنه سواء كانت التسعيرة متعلقة بسعر الفروج ذاته أم بالغاز ويتم وضعها على هذا الأساس إسبوعياً.
تأثرت الأسعار بنسب متفاوتة
في وزارة الاقتصاد ولدى سؤالنا عن مدى تأثير تلك المواد بسعر الغاز جاء التأكيد أن معظم المواد الغذائية التي تستخدم في عمليات إنتاجها مادة الغاز سواء من حيث عمليات الطهي أم التسخين سوف تتأثر بنسبة قيمة الغاز في تكلفة هذه المواد وبنسب متفاوتة وحسب نوع كل مادة.
وحسب المهندس عادل سلمو- مدير حماية المستهلك في الوزارة فإن تسعير هذه المنتجات يتم من قبل المكاتب التنفيذية بالمحافظات لكل محافظة على حدة.
وحول الاجراءات التي قامت بها المديرية لمنع احتكار بعض المواد الاستهلاكية أفادنا م. سلمو: أن المديرية تقوم وبشكل دوري بمتابعة عمل مديريات الاقتصاد والتجارة في المحافظات من ضبط للأسعار ووفرة المواد وتداول الفواتير منعاً لاحتكار أي مادة علماً أن المواد متوافرة في الأسواق وبكميات جيدة. وهناك هيئة تقوم بضبط حالات الاحتكار ويتم التنسيق بينها وبين الوزارة في حال وجود أو ضبط أي حالة احتكار ولكن يجب التمييز بين الامتناع عن البيع والاحتكار علماً أن حالات الامتناع عن البيع كثيرة وتم ضبطها من قبل دوريات حماية المستهلك.
أما عن سبب ارتفاع أسعار الكثير من المواد الأخرى التي لا يوجد مبرر لزيادتها ولا يدخل الغاز في الحاجة لصناعتها قال إنه يعود إلى ارتفاع سعر القطع التي طرأت على البعض منها وبشكل خاص المستوردة منها. مشيراً إلى أن قرار رفع أسعار اسطونات الغاز يعود إلى الجهة المعنية بإنتاج واستيراد المادة وهي وزارة النفط والسعر يمثل التكلفة المدروسة من قبل الوزارة الآنفة الذكر.
ولهذا فإن مهمة مديرية حماية المستهلك هي متابعة ضبط أسعار المادة المحددة من قبل الجهة صاحبة العلاقة ومراقبة توزيعها وتوافرها في الأسواق.
وعن مسؤولية ودور المديرية في ضبط أسعار الخدمات المقدمة للمطاعم التي تخص العمل بوزارة الاقتصاد (نجمتين ومادون).
أوضح م. سلمو أن مديريات الاقتصاد والتجارة بالمحافظات تتابع مراقبة الأسواق سواء للمواد الغذائية أم غير الغذائية إضافة للخدمات التي تقدمها المطاعم ويتم ضبط أي مخالفة يتم مشاهدتها من قبل دوريات حماية المستهلك أو بناء على شكاوى المواطنين.
– وأكد أنه يتم سحب العينات من المواد المقدمة في المطاعم وتحليلها والتأكد من مدى صلاحيتها للاستهلاك والتدقيق في الفواتير الممنوحة بالإضافة لضرورة الإعلان عن الأسعار بشكل واضح وممهورة بخاتم المديرية المعينة.
وأخيراً يعزو م. سلمو سبب عدم وجود ازدحام على مستودعات الغاز هذه الأيام رغم البرد إلى وفرة المادة بالدرجة الأولى علماً أن السعر ارتفع والمادة متوافرة بكميات كبيرة وليس له علاقة بعمليات الازدحام التي كانت في السابق.
وزارة السياحة: دراسة متوازنة
أما في وزارة السياحة ورداً على سؤالنا عن أسباب التأخير في صدور القوائم الجديدة لمنشآتها السياحية أو التابعة لها على ضوء السعر الجديد للغاز أفادنا المهندس زهير أرضووملي- مدير جودة المنشآت السياحية في الوزارة، أنه لاتأخير بهذا الموضوع وإنما لابد من دراسة متكاملة حيث تعكف وزارتا السياحة والاقتصاد على دراسة الأمر مع لجنة التسعير المركزية التي تضم الوزارتين وجمعية حماية المستهلك وممثلين عن أصحاب المنشآت السياحية (اتحاد غرف السياحة) لإعداد دراسة دقيقة ومتوازنة بما يحقق مصلحة المستثمر (المنشأة) والمستهلك معاً، وبما لا يؤثر على مواصفات المنتج بحيث يستطيع المستهلك الحصول على المنتج الذي يريد.
وأشار م. أرضووملي إلى أن الوزارة تسعى جاهدة لإعطاء نوع من الحوافز التشجيعية لتلك المنشآت السياحية لرفع سوية الخدمات المقدمة لديها وتقديم الجوائز لها تشجيعاً لاستمرارها ورفع وتيرة العمل لديها.
أخيراً.. بين ما نراه من الارتفاع الجنوني للأسعار.. وبين ما نسمعه من تصريحات وأقوال للجهات المعنية نجد أن كل ما يريده المواطن تحويل تلك الأقوال لأفعال على أرض الواقع لأنه في النهاية مصلحة المواطن هي مصلحة للوطن.
المصدر: جريدة الثورة