الذاكرة لم تنس بعد حالة التهويل التي ترافقت مع إعلان إدارة الإرهاب الأميركية فرض عقوباتها الجديدة تحت مسمى قانون “قيصر”، وما ضخته وسائل الإعلام المغرضة من شائعات كاذبة في سياق الحرب النفسية التي أطلقتها منظومة العدوان لزيادة مفاعيل هذا الإجراء العدواني، الذي استهدف إلى جانب الشعب السوري، الدول الحليفة وفي مقدمتها روسيا وإيران والصين، لمنعها من المشاركة في عملية إعادة الإعمار، التي باتت من أهم الأولويات بعدما باتت سورية على أعتاب المرحلة الأخيرة من إنجاز نصرها الكامل على الإرهاب وداعميه، وقد أكدت سورية حينها ولم تزل قدرتها على تجاوز هذه العقوبات بمساعدة الحلفاء والأصدقاء، رغم كل المعاناة التي خلفها هذا الإجراء الأميركي غير المسبوق في عدائيته ووحشيته.
روسيا التي لم تزل تقف إلى جانب سورية في حربها ضد الإرهاب بكافة أشكاله وعناوينه العسكرية والسياسية والاقتصادية، أكدت من دون أي مواربة عزمها على مواصلة مساعدتها للشعب السوري لكسر هذا الحصار الاقتصادي الجائر، وهذا إثبات جديد على أن سورية وحلفاءها قادرون بالفعل على التصدي لهذا الإجراء العدواني وتعطيل مفاعيله، وبالتالي إلحاق هزيمة أخرى بالمخطط والمشروع الأميركي، عبر إضافة انتصار اقتصادي جديد إلى انتصارات الميدان، وإيصال رسالة قوية للولايات المتحدة بأن كل ما تسنه من قوانين لا شرعية ولا أخلاقية، تسري عليها فقط، والدول الأخرى غير ملزمة بتنفيذها لأنها لا تعنيها في الأصل، طالما أنها تخضع لقوانين شريعة الغاب، وليس لأحكام القانون الدولي.
روسيا، كما باقي الحلفاء والأصدقاء الداعمين للشعب السوري، تنطلق من مبدأ أن كسر الحصار عن سورية، وإفشال الأهداف الأميركية من وراء فرضه، يعني إسقاط مشروع الهيمنة الذي تسعى أميركا لفرضه على العالم، عبر تكبيل الدول المناهضة لسياساتها بسلسلة لا متناهية من العقوبات تستهدف في المقام الأول قرارها السيادي، وروسيا، كما إيران والصين وغيرها من الدول الممانعة للمشروع الأميركي، مستهدفة بسكين العقوبات الذي بات اللغة الأميركية الدارجة اليوم، وهذه الدول معنية بالتصدي الحازم لأسلوب البلطجة الدولية التي تنتهجها واشنطن، ولا سيما في ظل المساعي والجهود المتواصلة لتلك الدول لإقامة نظام عالمي جديد تنتهي فيه القطبية الأحادية، وهذا الأمر بات قريب المنال، وسيولد برأي الكثير من المتابعين والمحللين من رحم الصمود والانتصار السوري على الإرهاب وداعميه.
مرة أخرى يسقط رهان الأعداء على وقوع السوريين في فخ الترهيب الإعلامي، الذي يستهدف النيل من صمودهم، وهز ثقتهم بتحالفاتهم الاستراتيجية مع الأصدقاء والحلفاء، وعندما يؤكد السيد وليد المعلم وزير الخارجية أن مستقبل العلاقات مع روسيا مبشر بالخير فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي والسياسي، ويبدي تفاؤله الواضح بأن الوضع الاقتصادي العام سيشهد تحسنا في الأيام والأشهر القادمة، وكذلك يؤكد نائب رئيس الوزراء الروسي يوري بوريسوف تصميم بلاده على المساهمة في عملية إعادة الإعمار، وترجمة العلاقات والنجاحات الممتازة في المجالين العسكري والسياسي إلى مجال التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين، فهذا تأكيد على قوة ومتانة جذور العلاقات السورية الروسية التاريخية، والتي تعمدت اليوم بدماء شهداء جيشي البلدين بمواجهة قوى الإرهاب الوهابي التكفيري، المدعوم أميركيا وغربيا.
البقعة الساخنة- ناصر منذر