بعد تسعة أعوام ونيف ما زال المعتدون يلجؤون إلى أساليب متكررة في عدوانهم على سورية، وهم يقعون في نفس الخطأ الذي لم يحقق أهدافهم العدوانية المعلنة والمستترة على السواء، فما الذي يدفعهم لتكرار تجربة فاشلة كان الإرهابيون منفذوها دون تحقيق أهدافهم؟.
المسألة تتمثل في الرغبة في تدمير بنية الدولة والمجتمع من خلال عملية التآكل البطيء، بحيث تضعف الدول ولا تغدو معها قادرة على تأمين الاحتياجات الأساسية والضرورية للمواطنين والجيش والمؤسسات، فتسقط وتنهار من تلقاء نفسها، الأمر الذي يفسر للمتابعين لجوء الإدارة الأميركية خاصة لتوظيف واستخدام الإرهابيين والعملاء في الوقت الذي تحرك معه الحكومات الرجعية لمباشرة العدوان، وكل ذلك في ظل استمرار وتوسيع وزيادة حالة الحصار وفرض المزيد من العقوبات الظالمة، تلك العقوبات التي لا تمت بصلة إلى ميثاق منظمة الأمم المتحدة ولا إلى القانون الدولي ولا إلى الأعراف والمواثيق والمعاهدات ، فما الممكن من تطورات؟ وكيف سيكون وجه المستقبل؟ وهل نملك عوامل الصمود والثبات لتحقيق الانتصار، تماماً كما ثبتنا وصمدنا على امتداد أكثر من تسع سنوات ونصف السنة؟.
تفرض المتغيرات والتطورات الدولية والإقليمية آليات جديدة للمواجهة كما تستدعي وجود آليات حوار مناسبة، فالإدارة الأميركية تعيش حالة انتشاء وغرور واستبداد غير مسبوقة تتوهم معها بأنها وصلت إلى المرحلة التي تستطيع معها فرض إرادتها كما تريد وفي أي وقت، وهي بالفعل تعيش هذه المرحلة، وبذلك هي تتوهم أنها بدأت إعادة رسم خريطة العالم وحدوده السياسية وفق الرؤية الأميركية، ويتوهم فريق ترامب بالذات أنه يستعيد وهم اعتقاده بالقرن الأميركي المفقود وكل ذلك يجري في ظل استعار معركة الرئاسة الأميركية توهماً أيضاً، لتمكين ترامب من الحفاظ على مقعده البيضاوي لأربع سنوات قادمة.
ومع التأكيد أن المنافسة الأميركية في السباق للانتخابات الرئاسية نحو البيت الأبيض هي أدنى حالاتها مقارنة بالحملات الدعائية لأكثر من خمسين سنة على الأقل، إلا أن إدارة ترامب تعيش وهم إدخال العامل الخارجي للتأثير في موقف الناخب الأميركي بعد الفشل الداخلي لعدم القدرة على تنفيذ سياسة ناجحة للتصدي لانتشار فيروس كورونا الذي أظهر عجز أحدث منظومة طبية وصحية أميركية على مواجهته.
هنا يعود مكان الالتقاء بين ما يجري في الداخل الأميركي وبين توظيف الأدوات الإقليمية للمضي في مشروع العدوان الصهيوني الغربي الاستعماري على سورية والمنطقة، مع التركيز على سورية نتيجة صمودها وثباتها خلال فترة العدوان الطويلة.
وأمام هذا الواقع والتداخلات الدولية والإقليمية تبدو تباشير الانتصار أكثر قرباً من أي فترة مضت بما فيها فترات تحقيق الانتصارات الكبيرة في حلب ودير الزور والغوطة والجنوب والبادية وذلك لجهة وشكل المواجهة اليوم التي تتركز في مواجهة جوهر البنية العدوانية العميقة، تلك البنية الممثلة لدعاة التبعية والتقسيم والانفصال، وما بدء تنفيذ عمليات مقاومة شعبية ضد الوجود الأميركي وعصابات قسد الإرهابية إلا الخطوة الواثقة في مسيرة المواجهة الصعبة ضد المشروع الأميركي الصهيوني الغربي الاستعماري وإصرار على إسقاطه وهزيمته واستعادة الدور المشرق والمكانة الحضارية لسورية والأمة العربية.
معاً على الطريق- مصطفى المقداد