الملحق الثقافي:جودت هوشيار:
ليس معروفاً على وجه التحديد، عدد اللغات، التي تنطق بها شعوب الأرض. ولكن الاعتقاد السائد بين علماء اللغة أن إجمالي عدد اللغات بلهجاتها المختلفة يتجاوز ستة آلاف لغة. ومنذ نشوء الحضارة البشرية، كان هذا التنوع للغات الشعوب ولهجاتها يثير الدهشة لدي المعنيين بها. فعلى مدى التأريخ كانت القبائل ترحل من مكان إلى آخر، فتمتزج اللغات وتتغير، ولكن عددها يظل مع ذلك كبيراً. هذا التنوع يشكل عقبة أمام تفاهم الشعوب.
كان رجال الدولة في الصين القديمة يعتبرون التكلم بلغة أجنبية انحطاطاً إلى مستوى البرابرة. إن كلمة (أرابي) تعني الفصيح. هكذا كان أولئك الرجال يسمون أنفسهم تمييزاً لهم عن الذين يفتقرون إلى الفصاحة.
أما شعوب أوروبا الشرقية والجنوبية الشرقية، فقد أطلقوا على أنفسهم اسم (السلافيون) أو (السلوفيون). ثمة اعتقاد بأن هذا اللفظ يعني الإنسان البليغ.
في روسيا القديمة كانوا يطلقون على جميع الأجانب اسم (نيميه) (نيمتسي) بمعنى أبكم وبكماء! كان الحكام في العهود الغابرة يتنازعون أولوية لغة كل منهم وأقدميتها.
ثمة نظريات عديدة حول أصل اللغات. ويظن البعض أن شعوب الأرض أجمع، كانت في زمن ما تنطق بلغة واحدة، تعد أم اللغات الحالية. واستندوا في زعمهم هذا، إلى أن هناك كثيراً من الألفاظ المتشابهة النطق والمعنى في مختلف اللغات. ويميل علماء اللغة إلى الاعتقاد أن اللغات الحالية سوف تثرى الواحدة منها على حساب الأخرى وتمتزج لتشكل في نهاية الأمر لغة عالمية واحدة.
قبل حوالي عشرة آلاف سنة راود البشر حلم إيجاد لغة مشتركة واحدة لكافة شعوب المعمورة. إن صدى هذا الحلم أو الرغبة نقرأه في الأسطورة التي وردت في الإنجيل حول برج بابل. ومثل كثير من الأساطير الإنجيلية فيها شيء من الطرافة، ولكنها بالغة الحكمة والنقاء والإنسانية. كانت البشرية تتكلم لغة واحدة وبلهجة واحدة. هكذا تبدأ الأسطورة وكما يبدو فإن الناس كانوا يعيشون في تفاهم ووئام.
التاريخ: الثلاثاء15-9-2020
رقم العدد :1013