الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
في الوقت الذي ينتقد فيه الرئيس ترامب أعمال الشغب والنهب في بورتلاند وكينوشا، تقوم إدارته وتركيا بسرقة ونهب ثروات سورية على نطاق واسع دون رادع، وتفلتان من العقاب مع عدم تسليط الكثير من الضوء على ما تقومان به من قبل الإعلام الغربي.
فقد بدأت تركيا بنهب البنية التحتية السورية منذ عدة سنوات، حيث بدأت سرقاتها أواخر عام 2012 ولا تزال مستمرة حتى الآن، ففي عام 2013 قامت بتفكيك أكثر من 300 مصنع في مدينة حلب، المدينة الصناعية لسورية، ونقلتها إلى أراضيها، حيث تم تحميل الآلات والمعدات والبضائع على شاحنات عبر معبري سيلفيغوزو وجيلان بينار التركيين، ولسوء الحظ فقد أصبح “النهب” و”الإرهاب” ممارسات دائمة تنتهجها السياسة التركية في سورية.
وفي تشرين الأول 2019، “اجتاحت” القوات التركية سورية، واحتلت جزءاً من شمالها الشرقي بالتعاون مع مليشيات موالية لها يطلق عليها اسم “الجيش الحر”.
وكان الرئيس التركي أردوغان قد أطلق على عملية غزو المناطق السورية اسم “نبع السلام” وزعم آنذاك أنّ الهدف هو إنشاء “منطقة آمنة”، وحقيقة الأمر أنّ أكثر من 200 ألف سوري فرّوا من الغزو ونزح أكثر من 100 ألف بشكل دائم من منازلهم ومزارعهم وأماكن عملهم وسبل عيشهم إلى مناطق أخرى.
ولا يزال النهب الصناعي مستمراً حيث تقوم الفصائل المدعومة من تركيا بتفكيك أبراج الكهرباء في مناطق ما يسمى (نبع السّلام) في ريف رأس العين الحدودية التي تسيطر عليها تركيا بالإضافة إلى محطة علوك لمعالجة المياه وضخّها، وهي المحطة التي تزود مدينة الحسكة والمنطقة بأكملها بالمياه الصالحة للشرب. وتستخدم القوات التركية المياه كسلاح حرب، حيث تقوم بإغلاق المحطة للضغط على السكان للامتثال والخضوع لها. وكانت تركيا قد قامت لأكثر من أسبوعين في آب، مع درجات حرارة مرتفعة تبلغ 100 فهرنهايت، بقطع المياه عن حوالي مليون شخص.
ومع عدم وجود مياه في المنازل، اضطر المدنيون إلى الوقوف في طوابير لساعات لتلقي كميات صغيرة من شاحنات المياه، فيما أخذ آخرون يشربون من مياه الآبار غير الصالحة للشرب وغير الآمنة للنظافة الشخصية، مما تسبب في انتشار الكثير من الأمراض كالفطريات والجراثيم بين المدنيين نتيجة استخدام مياه الآبار غير الصالحة للشرب. وحتى الآن يبقى أهالي الحسكة عرضة للأمراض والأوبئة بسبب ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الأمراض المعدية، وإذا لم يتم السيطرة على الوضع في أسرع وقت ممكن، فإن انتشار فيروس كورونا سيكون مدمراً بلا شك، وحسب رأي مدير طبي بأحد المشافي فالكثير من الناس يمرضون بسبب استخدام المياه الملوثة.
وبعد الضغط الدبلوماسي السوري والدولي على النظام التركي، تم البدء بضخ المياه في 17 بئراً وثلاث مضخات فقط، كما تم ملء الخزانات الرئيسية وبدأ الضّخ باتجاه أحياء المدينة. ورغم استئناف الميليشيات التركية ضخ المياه مرة أخرى إلّا أن هناك خوفاً مستمراً بين المدنيين من أن تعود تركيا إلى قطع المياه.
أمّا الولايات المتحدة ،التي تحتل قواتها بعض الأراضي شمال شرق سورية، والتي تملك أيضاً قوات احتلال وقوة عسكرية تقوم بمساندة ودعم مليشيات “قسد” والذين يتم تمويلهم والسيطرة عليهم من قبل الجيش الأمريكي. وحسب ما هو موثق فقد قال الجنرال في الجيش الأمريكي راي توماس لقياداتهم :” ماذا تريدون أن تطلقوا على أنفسكم، إلى جانب وحدات حماية الشعب؟ فأطلقوا على أنفسهم اسم (قوات سورية الديمقراطية).
إنه أمر مثير للسخرية وضع كلمة “الديمقراطية” في اسم ميليشيا تدعمها القوات الأمريكية”.
ولا شك أنّ هناك احزابا وتوجهات عديدة تقوم الولايات المتحدة بتمويلها ودعمها في إطار التوجه الانفصالي عن الدولة السورية في انتهاك صارخ وبشع للسيادة السورية.
قبل الحرب العدوانية، كانت سورية تتمتع بالاكتفاء الذاتي من النفط ولديها ما يكفي للتصدير وكسب بعض الإيرادات الأجنبية. وتقع مصادر النفط الأساسية في شرق سورية التي تحتلها الآن القوات الأمريكية والمليشيات المتحالفة معها.
وقد سيطرت الولايات المتحدة على آبار ضخ النفط السورية الرئيسية لتمويل جيشها بالوكالة. ويعتقد الرئيس ترامب أن هذه خطوة “جريئة ورائعة” وهي تمويل غزو سورية بالنفط السوري!!.
وكان ترامب قد قال في تشرين الثاني 2019: “نحن نحتفظ بالنفط … النفط مؤمن. تركنا قواتنا للحفاظ على أمن النفط فقط.” وتم الكشف مؤخراً عن شركة أمريكية غير معروفة تؤمن صفقات النفط السوري كما تتولى شركة “دلتا كريسنت إنرجي” إدارة وتصعيد سرقة النفط السوري.
ما هو رأي الأمريكيين إذا قامت دولة أخرى بغزو الولايات المتحدة عبر المكسيك، وأقامت قواعد في تكساس، ورعت ميليشيا انفصالية، ثم استولت على آبار النفط في تكساس لتمويلها؟ هذا تماماً هو السيناريو الذي تقوم به الولايات المتحدة في سورية.
وبالإضافة إلى سرقة النفط السوري، تحاول الولايات المتحدة منع سورية من تطوير مصادر بديلة، عبر فرضها قانون العقوبات ” قيصر” على سورية والذي يهدّد بمعاقبة أي فرد أو شركة أو دولة تستثمر في سورية أو تساعدها في إعادة بناء البلد الذي دمرته الحرب وخاصة في قطاع النفط والغاز.
يبدو جليّاً أنّ المؤسسة الأمريكية تبذل كل ما في وسعها لتقويض الاقتصاد السوري وإلحاق الضرر بالعملة السورية، و تستخدم لذلك الضغط على البنوك اللبنانية، فبسبب عقوبات قيصر، تتراجع قيمة الليرة السورية بشكل مستمر.
كما أنّ منطقة شمال شرق سورية هي سلة خبز البلاد فهي غنية بحقول القمح والحبوب. وهناك تقارير عن ضغوط أمريكية على المزارعين لعدم بيع محاصيلهم من القمح للحكومة السورية. وقبل عام، قال نيكولاس هيراس من مركز الأمن الأمريكي الجديد: ” إنّ الحكومة السورية بحاجة إلى الوصول إلى محاصيل الحبوب في شمال شرق سورية لمنع حصول أزمة خبز في البلاد، إنّ القمح هو سلاح وقوة عظمى في هذه المرحلة “.
كما أرسلت الولايات المتحدة في الأسابيع الماضية المزيد من المعدات الثقيلة والمعدات العسكرية من شمال العراق من أجل نهب النفط وسرقة الاقتصاد السوري، وأيضاُ تمتلك الولايات المتحدة قاعدة أخرى ومنطقة احتلال عند معبر التنف الحدودي الاستراتيجي عند تقاطع حدود سورية والعراق والأردن، وهو المعبر الحدودي للطريق السريع من بغداد إلى دمشق، وتسيطر الولايات المتحدة على هذه المنطقة الحدودية لمنع مشاركة العراق أو إيران في مشاريع إعادة الإعمار في سورية.
في الوقت نفسه، يتم إرسال الأموال الدولية الممنوحة من أجل “إغاثة سورية” بشكل غير متناسب لدعم ومساعدة آخر معقل لإرهابيي القاعدة في إدلب على الحدود الشمالية الغربية مع تركيا، ومن الواضح أن الولايات المتحدة وشركاءها يريدون دعم تلك المليشيات المسلحة ومنع الحكومة السورية من استعادة كامل أراضيها.
لقد أظهرت الولايات المتحدة الأمريكية وتركيا مدى سهولة انتهاك القانون الدولي، فاحتلال الأراضي السورية والاعتداء على سيادتها يتم في وضح النّهار دون رادع، وهذا ليس مجرد قضية قانونية فقط، فوقف إمدادات المياه الصالحة للشرب وحرق حقول القمح لزيادة الجوع هو انتهاك لأبسط مبادئ الإنسانية والأخلاق.
إنّ الولايات المتحدة تنافق كثيراً وهي التي تشكو من تدهور “سيادة القانون”، بينما في الواقع ، لا يوجد منتهك للقوانين الدولية أكثر من الولايات المتحدة نفسها.
وفي خطابه أمام مجلس الأمن الدولي، شجب السفير السوري بشار الجعفري هذا الوضع قائلاً: “إنّ القانون الدولي أصبح مثل الحمل الرقيق الذي يعهد برعايته إلى قطيع من الذئاب”.
المصدر Antiwar