وسط غلاء غير مسبوق، في أعقاب تشديد الحصار على سورية (قانون قيصر الأميركي )، وإجراءات جائحة كورونا عالمياً ومحلياً، يكثر من يَصْب الزيت على النار، على وسائل التواصل الاجتماعي، شامتاً، مستهتراً، مستاءً ومستنكراً، ومسفهاً.
وهذا لايجوز في الأحوال الطبيعية لأنه مناقض للمنطق والأخلاق العامة، فما بالكم وسورية التي عانت عشر سنوات من حرب كونية عليها، دمرت أغلب بناها التحتية الخدمية والإنتاجية…..؟
ومن الواضح أن اهتمام الناس ينصب على الوضع المعيشي بالدرجة الأولى، وليس من الحكمة والوطنية تجاهل أن جهداً كبيراً يبذل للنهوض به وتحسينه.
بداية يجب لفت الانتباه إلى مرجعية أساسية على هذا الصعيد ألا وهي البيان الحكومي في ٢١-٩-٢٠٢٠ أمام مجلس الشعب إنه واضح، وهو عقد مع الشعب، وقد نص على تخفيض الأسعار في الأسواق، ولفت الانتباه إلى السعي لزيادة الأجور والحوافز وتوفير المواد الاساسية، ومنع الاحتكار، علماً أن هيئة تخطيط الدولة وضعت آلية لتتبع تنفيذ الخطط والبرامج الواردة في البيان الوزاري للحكومة.
وجرى تدعيم هذا الالتزام في مشروع الموازنة العامة للدولة للعام ٢٠٢١، وهي مضاعفة ، بالمقارنة مع العام الماضي، وتم التأكيد على أنها صانت دعم الدولة للمواد الاساسية (الخبز- المشتقات النفطية )، واعتبرته خطاً أحمر.
ما من شك أن الأزمات وما يصاحبها من ازدحام، تصوغ بيئة مناسبة لانتشار الإشاعات أو آراء مستهجنة تحفز على بوح محبط وسلبي، في حين أن الواقع يشهد تحسنا نحو الافضل، سواء لجهة البنزين إذ تقلصت مدة الانتظار على محطات الوقود أم لجهة الخبز سواء على الأفران الآلية أم الموحدة (أقول ذلك بناء على متابعة ميدانية في دمشق )، لنأخذ فرن المزة كمثال (وهو مصنع للخبز ينتج ١٤ طناً من الأرغفة في الْيَوْمَ الواحد )، لقد عانى من ازدحام شديد قبل أسابيع، بسبب عطل في فرن دمر وخلال الأيام القليلة الماضية، خُف الازدحام وتلاشى تماماً بعد الظهر وقبل غروب الشمس بقليل، ماحفزني أن أطالب بعودته لبيع ربطات الخبز مساء، لاسيما وأن فترة الصباح تشهد إقبالاً من العاملين في الإدارات العامة والخاصة القريبة منه، وجلهم يقيمون في ريف دمشق وانخفض الازدحام على محطة الوقود الحكومية في المزة على طريق المطار القديم وبات الانتظار لتعبئة خزان السيارة يتراوح ما بين ساعة ونصف نهاراً إلى ثلاثة أرباع الساعة مساء، وهذا أمر مُلفت بالمقارنة مع انتظار لساعات طويلة قبل أسبوع مضى.
لا أرى في التفاؤل المبني على وقائع ملموسة تهمة، وأميز ما بين النقد والحقد، واستهجن الشماتة والسخرية، بدلاً من السعي إلى متابعة مايجري وتسريع خطواته، والملفت على هذا الصعيد الوثيق الصِّلة بالوضع المعيشي السوري، قيام وفد سوري، اقتصادي ومالي رفيع المستوى، برئاسة وزير شؤون رئاسة الجمهورية، وعضوية وزيري الاقتصاد والمالية وأمين عام مجلس الوزراء وحاكم مصرف سورية المركزي ومعاونة رئيس هيئة تخطيط الدولة، بزيارة عمل إلى جمهورية روسيا الاتحادية، وعقده مؤخراً اجتماعاً في مبنى وزارة التنمية الاقتصادية الروسية في موسكو لبحث آلية تمويل المشاريع التي تم الاتفاق عليها إبان زيارة نائب رئيس الوزراء الروسي إلى دمشق في الأسبوع الأول من شهر أيلول الماضي (٤٠مشروعاً في كل مجالات الحياة الإنتاجية والخدمية والاستهلاكية )، ما يعكس الجدية المطلقة في وضع إجراءات توفير المواد الاساسية وتحسين الوضع المعيشي على نار حامية.
صحيح أن الظرف صعب جداً لكن الإصرار على الحل والسعي إلى الأفضل هما صمَام الأمان لتوفير وضع معيشي لائق لكل السوريين.
أروقة محلية – ميشيل خياط