الثورة أون لاين – دينا الحمد:
مع مطلع كل صباح يتوالى تسريب المعلومات الموثقة من الشرق والغرب وبالصوت والصورة والرقم والخريطة، عن تورط نظام أردوغان العدواني في تأجيج الأوضاع في إقليم ناغورني كراباخ، وتسعير الحرب بين الدولتين الجارتين أرمينيا وأذربيجان دون أي اعتبار أخلاقي أو إنساني أو قانوني أو سياسي، بل محاولة تنفيذ أجنداته العثمانية البالية في منطقة القوقاز.
فبعد تسريب العديد من المعلومات الموثقة عبر الصحافة الغربية عن هذا الأمر كشفت صحيفة “إندبندنت” البريطانية عن حصولها على شهادات ووثائق وتصريحات تؤكد إقدام النظام التركي على تأجيج الصراع المستجد بين أرمينيا وأذربيجان حول الإقليم المذكور بإرساله مرتزقة وإرهابيين إلى هناك.
وأفادت الصحيفة بأن المئات من المرتزقة الذين شحنهم أردوغان من سورية يشاركون في القتال المحتدم في ناغورني كراباخ مقابل المال حتى ولو كان ذلك على حساب أرواحهم، وأضافت أنه تم تجنيد المقاتلين بواسطة شركة أمن تركية خاصة، لافتة إلى أن نفي الحكومة التركية وجود مرتزقة تابعين لها في المعارك هناك يتناقض مع ما حصلت عليه من وثائق واعترافات مسجلة بالصوت والصورة تؤكد وجود مئات المرتزقة الذين تم نقلهم من سورية إلى الإقليم.
وهذا الكلام بدأت الصحافة التركية المعارضة لأردوغان تسلط الضوء عليه، وتفضح خطواته العدائية، وباتت ترفع صوتها قائلة بأن أردوغان لم يكتف بنشر الفوضى الهدامة في سورية وليبيا والبحر المتوسط، ودعم الإرهاب عسكرياً ولوجستياً، واحتلال أراضي الآخرين، بل جند وسائل إعلامه كمنابر للترويج للتنظيمات الإرهابية وبث الكراهية ضد كل الشعوب والدول التي ترفض سياساته، وقد رأينا كيف كشفت الصحافة التركية مؤخراً أن إعلام أردوغان بث 5500 رسالة كراهية طال معظمها السوريين والأرمن.
ولم تكن صحيفة “اندبندنت” وحدها من سرب هذه الوثائق بل عشرات الصحف والمحطات التلفزيونية ومراكز البحوث، ويكفي أن نشير هنا على ما نقله موقع (انفورميشن كليرنغ هاوس) لنؤكد كلامنا فقد أشار في مقال له إلى أن تركيا قد أرسلت الآلاف من المرتزقة إلى أذربيجان قبل اندلاع الصراع الأخير مع أرمينيا حول إقليم ناغورني كرباخ المتنازع عليه، وأن اندلاع أعمال العنف بين أرمينيا وأذربيجان تسببت في سقوط مئات الضحايا في غضون أيام قليلة فقط بسبب التدخل التركي هناك.
ويضيف الموقع المذكور بأنه مما لا شكّ فيه أنّ التحركات التركية الحالية تجاه أرمينيا تعكس الخلفية التاريخية الخطيرة حين نفّذت تركيا العثمانية الإبادة الجماعية بحق الأرمن بين عامي 1915 و 1916 الأمر الذي أسفر عن مقتل أكثر من مليون ونصف المليون أرمني آنذاك، ومما يثير القلق أنّ تركيا أعادت على ما يبدو نشر أعداد كبيرة من الإرهابيين الذين تستخدمهم في سورية بالنزاع، وبالنظر إلى أن هؤلاء المقاتلين المدعومين من تركيا مرتبطون في الغالب بشبكات إرهابية مثل جبهة النصرة وغيرها من الجماعات التابعة للقاعدة في سورية، فإن التخوف هو أن الصراع في ناغورني كارباخ يمكن أن يتحول إلى حرب دولية واسعة النطاق.
باختصار يؤجج اردوغان العثماني بتدخله السافر في ناغورني كارباخ الأوضاع بين أرمينيا وأذربيجان ليحقق أجنداته العثمانية، فهو يستمر بإشعال الحرائق من المتوسط إلى القوقاز، ولذلك أصبح من الضرورة بمكان أن يتدخل المجتمع الدولي والأمم المتحدة لوضع حد لسياساته الإرهابية تلك لأنها تؤثر سلباً على الأمن والسلم الدوليين، وتنسف الاستقرار الإقليمي والعالمي.