الملحق الثقافي:
ولد أندريه بروتون في تانشبوري في فرنسا عام 1896، ودرس الطب. وفي أثناء الحرب العالمية الأولى، استدعي للخدمة الإلزامية، وأسند إليه العمل في العيادة النفسية، التي اطلع من خلال الكتب الموجودة فيها على مؤلفات فرويد. وبعد زمن، تحضر آلية التنويم المغناطيسي في شعر بروتون، إذ يؤكد على ضرورة الكتابة الميكانيكية في الإلهام الشعري، من دون صنع الافتعالات المخربة لصفاء الروح.
انضم مع أصدقائه (أراغون وسوبولت وإيلوار) إلى الحركة الدادائية، التي ابتدعها (تريستان تزارا) عام 1916، والمؤمنة بعدم جدوى أي شيء في الحياة.
أراد الخروج من الدادائية، فوجد نفسه يثور عليها، ويؤسس (السريالية) بشكل تدميري جديد، وفوضوي، لكنه ناهض، ويحمل أملاً للبشرية الغارقة في مستنقع خوفها من الفناء.
ركز أندريه بروتون في بياناته السريالية على أهمية الأحلام واللاشعور، وأعلى من شأن الكتابة في حال متوسطة ما بين النوم واليقظة. ففي قصته (نادجا) تهرع الصور الغريبة والخارجة على المألوف، النابعة من أعماق اللاشعور، لتعري جوهر الإنسان وحقيقته. وبسبب كرهه الشديد للقتل والحروب، فقد أفرد فصلاً لمعارضة الحرب وإبراز مدى الفجائعية التي أورثتها للعالم.
أهم موضوع في شعر بروتون هو الحرية، التي دافع عنها طيلة حياته وعشقها حتى وفاته، ومجدها طالما كان قادراً على التنفس. لذلك فقد حيا الثورة الجزائرية ومجدها، ودافع عن كل طامح للحرية في كل مكان.
كتب (المسدس ذو الشعر الأبيض) و(الحب والجنون) و(اللغز 17) و(قصائد)، وأصبح قمة من قمم الشعر العظيمة.
مفكر عميق وشاعر كبير، ومتمرد رافض لواقعه المتبلد، وأخيراً أنموذج لمبدع خلاب، جذبت موهبته أعظم الشعراء الفرنسيين، واستقطب الفنانين التشكيليين العباقرة (ماكس إرنيست، دالي وبيكاسو).
اشترك بروتون مع سوبولت في ديوان شعري (الأواني المستطرقة)، ومع إيلوار في ديوان (الحبل بلا دنس). وله دراسات فكرية، أهمها: (موقف السريالية السياسي، منتخبات من الدعابة السوداء، الخطا الضائعة).
توفي أندريه بروتون عام 1966، وبقيت فتنته توسم أشعار سان جون بيرس، وميشو، وشار، وفكره يثير الدهشة، وكلماته نصف اليقظة واللاشعورية والغامضة، تفتح آفاقاً في إمكانية الوصول إلى قراءة تعطي هذا المغامر جزءاً من قيمته.
التاريخ: الثلاثاء13-10-2020
رقم العدد :1016